( فصل ) :
وأما بيان
nindex.php?page=treesubj&link=9870_9872_9873_9871_9869ما يسقط هذا الحكم بعد وجوبه فالمسقط له بعد الوجوب أشياء ذكرناها في كتاب السرقة : ( منها ) تكذيب المقطوع عليه القاطع في إقراره بقطع الطريق أنه لم يقطع عليه الطريق .
( ومنها ) رجوع القاطع عن إقراره بقطع الطريق .
( ومنها ) تكذيب المقطوع عليه البينة .
( ومنها ) ملك القاطع المقطوع له ، وهو المال قبل الترافع أو بعده على التفصيل على الاختلاف الذي ذكرناه في كتاب السرقة .
( ومنها ) توبة القاطع قبل أن يقدر عليه ; لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=34إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم } أي : رجعوا عما فعلوا فندموا على ذلك ، وعزموا على أن لا يفعلوا مثله في المستقبل فدلت هذه الآية الشريفة على أن
nindex.php?page=treesubj&link=9887_9877_9876_9874قاطع الطريق إذا تاب قبل أن يظفر به يسقط عنه الحد ، وتوبته برد المال على صاحبه إن كان أخذ المال لا غير ، مع العزم على أن لا يفعل مثله في المستقبل .
ويسقط عنه القطع أصلا ، ويسقط عنه القتل حدا ، وكذلك إن أخذ المال ، وقتل حتى لم يكن للإمام أن يقتله ، ولكن يدفعه إلى أولياء القتيل ليقتلوه قصاصا إن كان القتل بسلاح على ما نذكره - إن شاء الله تعالى - ، وإن لم يأخذ المال ، ولم يقتل فتوبته الندم على ما فعل ، والعزم على ترك مثله في المستقبل ، وهو أن يأتي الإمام عن طوع ، واختيار ، ويظهر التوبة عنده ، ويسقط عنه الحبس ; لأن الحبس للتوبة ، وقد تاب فلا معنى للحبس ، وكذلك السرقة الصغرى ، إذا تاب السارق قبل أن يظفر به ، ورد المال إلى صاحبه يسقط عنه القطع ، بخلاف سائر الحدود أنها لا تسقط بالتوبة .
والفرق أن الخصومة شرط في السرقة الصغرى والكبرى ; لأن محل الجناية خالص حق العباد ، والخصومة تنتهي بالتوبة ، والتوبة تمامها برد المال إلى صاحبه ، فإذا وصل المال إلى صاحبه لم يبق له حق الخصومة مع السارق ، بخلاف سائر الحدود فإن الخصومة فيها ليست بشرط فعدمها لا يمنع من إقامة الحدود ، وفي حد القذف إن كانت شرطا لكنها لا تبطل بالتوبة ; لأن بطلانها برد المال إلى صاحبه ، ولم يوجد ، وقد روي عن سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أنه كتب إليه عامله
بالبصرة أن
حارثة بن زيد حارب الله ، ورسوله ، وسعى في الأرض فسادا فكتب إليه - سيدنا -
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أن
حارثة قد تاب قبل أن تقدر عليه فلا تتعرض له إلا بخير هذا إذا تاب قاطع الطريق قبل القدرة عليه .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=19715_19711_27644_9836إذا تاب بعد ما قدر عليه بأن أخذ ، ثم تاب لا يسقط عنه الحد ; لأن التوبة عن السرقة إذا أخذ المال برد المال على صاحبه ، وبعد الأخذ لا يكون رد المال ، بل يكون استردادا منه جبرا فلا يسقط الحد ، وإذا لم يأخذ المال فهو بعد الأخذ متهم في إظهار التوبة فلا تتحقق توبته ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم .
( فَصْلٌ ) :
وَأَمَّا بَيَانُ
nindex.php?page=treesubj&link=9870_9872_9873_9871_9869مَا يُسْقِطُ هَذَا الْحُكْمَ بَعْدَ وُجُوبِهِ فَالْمُسْقِطُ لَهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ أَشْيَاءُ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ : ( مِنْهَا ) تَكْذِيبُ الْمَقْطُوعِ عَلَيْهِ الْقَاطِعَ فِي إقْرَارِهِ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ أَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ .
( وَمِنْهَا ) رُجُوعُ الْقَاطِعِ عَنْ إقْرَارِهِ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ .
( وَمِنْهَا ) تَكْذِيبُ الْمَقْطُوعِ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ .
( وَمِنْهَا ) مِلْكُ الْقَاطِعِ الْمَقْطُوعَ لَهُ ، وَهُوَ الْمَالُ قَبْلَ التَّرَافُعِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى التَّفْصِيلِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ .
( وَمِنْهَا ) تَوْبَةُ الْقَاطِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=34إلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } أَيْ : رَجَعُوا عَمَّا فَعَلُوا فَنَدِمُوا عَلَى ذَلِكَ ، وَعَزَمُوا عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلُوا مِثْلَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ الشَّرِيفَةُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=9887_9877_9876_9874قَاطِعَ الطَّرِيقِ إذَا تَابَ قَبْلَ أَنْ يُظْفَرَ بِهِ يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ ، وَتَوْبَتُهُ بِرَدِّ الْمَالِ عَلَى صَاحِبِهِ إنْ كَانَ أَخَذَ الْمَالَ لَا غَيْرُ ، مَعَ الْعَزْمِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ مِثْلَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ .
وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْقَطْعُ أَصْلًا ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْقَتْلُ حَدًّا ، وَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَ الْمَالَ ، وَقَتَلَ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ ، وَلَكِنْ يَدْفَعُهُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ لِيَقْتُلُوهُ قِصَاصًا إنْ كَانَ الْقَتْلُ بِسِلَاحٍ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ ، وَلَمْ يَقْتُلْ فَتَوْبَتُهُ النَّدَمُ عَلَى مَا فَعَلَ ، وَالْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ مِثْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ الْإِمَامَ عَنْ طَوْعٍ ، وَاخْتِيَارٍ ، وَيُظْهِرَ التَّوْبَةَ عِنْدَهُ ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَبْسُ ; لِأَنَّ الْحَبْسَ لِلتَّوْبَةِ ، وَقَدْ تَابَ فَلَا مَعْنًى لِلْحَبْسِ ، وَكَذَلِكَ السَّرِقَةُ الصُّغْرَى ، إذَا تَابَ السَّارِقُ قَبْلَ أَنْ يُظْفَرَ بِهِ ، وَرَدَّ الْمَالَ إلَى صَاحِبِهِ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَطْعُ ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْحُدُودِ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ .
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخُصُومَةَ شَرْطٌ فِي السَّرِقَةِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى ; لِأَنَّ مَحِلَّ الْجِنَايَةِ خَالِصُ حَقِّ الْعِبَادِ ، وَالْخُصُومَةُ تَنْتَهِي بِالتَّوْبَةِ ، وَالتَّوْبَةُ تَمَامُهَا بِرَدِّ الْمَالِ إلَى صَاحِبِهِ ، فَإِذَا وَصَلَ الْمَالُ إلَى صَاحِبِهِ لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقُّ الْخُصُومَةِ مَعَ السَّارِقِ ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْحُدُودِ فَإِنَّ الْخُصُومَةَ فِيهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَعَدَمُهَا لَا يَمْنَعُ مِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ ، وَفِي حَدِّ الْقَذْفِ إنْ كَانَتْ شَرْطًا لَكِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالتَّوْبَةِ ; لِأَنَّ بُطْلَانَهَا بِرَدِّ الْمَالِ إلَى صَاحِبِهِ ، وَلَمْ يُوجَدْ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَيِّدِنَا
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَتَبَ إلَيْهِ عَامِلُهُ
بِالْبَصْرَةِ أَنَّ
حَارِثَةَ بْنَ زَيْدٍ حَارَبَ اللَّهَ ، وَرَسُولَهُ ، وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا فَكَتَبَ إلَيْهِ - سَيِّدُنَا -
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ
حَارِثَةَ قَدْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَقْدِرَ عَلَيْهِ فَلَا تَتَعَرَّضْ لَهُ إلَّا بِخَيْرٍ هَذَا إذَا تَابَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=19715_19711_27644_9836إذَا تَابَ بَعْدَ مَا قُدِرَ عَلَيْهِ بِأَنْ أَخَذَ ، ثُمَّ تَابَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ ; لِأَنَّ التَّوْبَةَ عَنْ السَّرِقَةِ إذَا أَخَذَ الْمَالَ بِرَدِّ الْمَالِ عَلَى صَاحِبِهِ ، وَبَعْدَ الْأَخْذِ لَا يَكُونُ رَدُّ الْمَالِ ، بَلْ يَكُونُ اسْتِرْدَادًا مِنْهُ جَبْرًا فَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ ، وَإِذَا لَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ فَهُوَ بَعْدَ الْأَخْذِ مُتَّهَمٌ فِي إظْهَارِ التَّوْبَةِ فَلَا تَتَحَقَّقُ تَوْبَتُهُ ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ .