( فصل ) :
وأما بيان
nindex.php?page=treesubj&link=7961_7960_7959_7956_7953_7952_7947من يفترض عليه فنقول إنه لا يفترض إلا على القادر عليه فمن لا قدرة له لا جهاد عليه ; لأن الجهاد بذل الجهد ، وهو الوسع والطاقة بالقتال ، أو المبالغة في عمل القتال ، ومن لا وسع له كيف يبذل الوسع والعمل ، فلا يفرض على الأعمى والأعرج ، والزمن والمقعد ، والشيخ الهرم ، والمريض والضعيف ، والذي لا يجد ما ينفق ، قال الله - سبحانه وتعالى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17ليس على الأعمى حرج } الآية وقال - سبحانه وتعالى عز من قائل - {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله } إذا نصحوا لله ورسوله فقد عذر الله - جل شأنه - هؤلاء بالتخلف عن الجهاد ورفع الحرج عنهم .
nindex.php?page=treesubj&link=7935_7938ولا جهاد على الصبي والمرأة ; لأن بنيتهما لا تحتمل الحرب عادة ، وعلى هذا
nindex.php?page=treesubj&link=8183_8179الغزاة إذا جاءهم جمع من المشركين ما لا طاقة لهم به ، وخافوهم أن يقتلوهم ، فلا بأس لهم أن ينحازوا إلى بعض أمصار المسلمين أو إلى بعض جيوشهم ، والحكم في هذا الباب لغالب الرأي ، وأكبر الظن دون العدد ، فإن غلب على ظن الغزاة أنهم يقاومونهم يلزمهم الثبات ، وإن كانوا أقل عددا منهم ، وإن كان غالب ظنهم أنهم يغلبون فلا بأس أن ينحازوا إلى المسلمين ; ليستعينوا بهم ، وإن كانوا أكثر عددا من الكفرة ، وكذا
nindex.php?page=treesubj&link=8170_8183الواحد من الغزاة ليس معه سلاح مع اثنين منهم معهما سلاح ، أو مع واحد منهم من الكفرة ومعه [ ص: 99 ] سلاح ، لا بأس أن يولي دبره متحيزا إلى فئة والأصل فيه : قوله - تبارك وتعالى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير } الله - عز شأنه - نهى المؤمنين عن تولية الأدبار عاما بقوله - تبارك وتعالى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=15يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار } وأوعد عليهم بقوله - سبحانه وتعالى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله } الآية ; لأن في الكلام تقديما وتأخيرا معناه والله - سبحانه وتعالى - أعلم {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=15يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله } ثم استثنى - سبحانه وتعالى - ومن يولي دبره لجهة مخصوصة فقال - عز من قائل - {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة }
والاستثناء من الحظر إباحة ، فكان المحظور تولية مخصوصة ، وهي أن يولي دبره غير متحرف لقتال ، ولا متحيز إلى فئة فبقيت التولية إلى جهة التحرف والتحيز مستثناة من الحظر ، فلا تكون محظورة ، ونظير هذه الآية قوله - سبحانه وتعالى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم } إنه على التقديم والتأخير على ما نذكره في كتاب الإكراه إن شاء الله - تعالى - وبه تبين أن الآية الشريفة غير منسوخة ، وكذا قوله - سبحانه وتعالى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا } ليس بمنسوخ ; لأن التولية للتحيز إلى فئة خص فيها ، فلم تكن الآيتان منسوختين ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم .
والدليل عليه قوله عليه الصلاة والسلام للذين فروا إلى
المدينة وهو فيها {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6984أنتم الكرارون ، أنا فئة كل مسلم } أخبر عليه الصلاة والسلام أن المتحيز إلى فئة كرار وليس بفرار من الزحف ، فلا يلحقه الوعيد وعلى هذا
nindex.php?page=treesubj&link=8370_25193إذا كانت الغزاة في سفينة فاحترقت السفينة وخافوا الغرق ، حكموا فيه غالب رأيهم ، وأكبر ظنهم ، فإن غلب على رأيهم أنهم لو طرحوا أنفسهم في البحر لينجوا بالسباحة ، وجب عليهم الطرق ليسبحوا فيتحيزوا إلى فئة ، وإن استوى جانبا الحرق والغرق ، بأن كان إذا قاموا حرقوا ، وإذا طرحوا غرقوا ، فلهم الخيار عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف - رحمهما الله - وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد - رحمه الله : لا يجوز لهم أن يطرحوا أنفسهم في الماء .
( وجه ) قوله أنهم لو ألقوا أنفسهم في الماء لهلكوا ، ولو أقاموا في السفينة لهلكوا أيضا ، إلا أنهم لو طرحوا لهلكوا بفعل أنفسهم ، ولو صبروا لهلكوا بفعل العدو ، فكان الصبر أقرب إلى الجهاد ، فكان أولى .
( وجه ) قولهما أنه استوى الجانبان في الإفضاء إلى الهلاك ، فيثبت لهم الخيار ; لجواز أن يكون الهلاك بالغرق أرفق قوله لو أقاموا لهلكوا بفعل العدو وقلنا ولو طرحوا لهلكوا بفعل العدو أيضا ، إذ العدو هو الذي ألجأهم إليه ، فكان الهلاك في الحالين مضافا إلى فعل العدو ، ثم قد يكون الهلاك بالغرق أسهل فيثبت لهم الخيار ،
nindex.php?page=treesubj&link=8344_7920ولو طعن مسلم برمح فلا بأس بأن يمشي إلى من طعنه من الكفرة حتى يجهزه ; لأنه يقصد بالمشي إليه بذل نفسه ; لإعزاز دين الله - سبحانه وتعالى - وتحريض المؤمنين على أن لا يبخلوا بأنفسهم في قتال أعداء الله - سبحانه وتعالى - فكان جائزا والله - سبحانه وتعالى - أعلم - .
( فَصْلٌ ) :
وَأَمَّا بَيَانُ
nindex.php?page=treesubj&link=7961_7960_7959_7956_7953_7952_7947مَنْ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ فَنَقُولُ إنَّهُ لَا يُفْتَرَضُ إلَّا عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهِ فَمَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ لَا جِهَادَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْجِهَادَ بَذْلُ الْجُهْدِ ، وَهُوَ الْوُسْعُ وَالطَّاقَةُ بِالْقِتَالِ ، أَوْ الْمُبَالَغَةُ فِي عَمَلِ الْقِتَالِ ، وَمَنْ لَا وُسْعَ لَهُ كَيْفَ يَبْذُلُ الْوُسْعَ وَالْعَمَلَ ، فَلَا يُفْرَضُ عَلَى الْأَعْمَى وَالْأَعْرَجِ ، وَالزَّمِنِ وَالْمُقْعَدِ ، وَالشَّيْخِ الْهَرِمِ ، وَالْمَرِيضِ وَالضَّعِيفِ ، وَاَلَّذِي لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ ، قَالَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ } الْآيَةَ وَقَالَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَزَّ مِنْ قَائِلٍ - {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ } إذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَدْ عَذَرَ اللَّهُ - جَلَّ شَأْنُهُ - هَؤُلَاءِ بِالتَّخَلُّفِ عَنْ الْجِهَادِ وَرَفَعَ الْحَرَجَ عَنْهُمْ .
nindex.php?page=treesubj&link=7935_7938وَلَا جِهَادَ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ ; لِأَنَّ بِنْيَتَهُمَا لَا تَحْتَمِلُ الْحَرْبَ عَادَةً ، وَعَلَى هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=8183_8179الْغُزَاةُ إذَا جَاءَهُمْ جَمْعٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَا لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِ ، وَخَافُوهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ ، فَلَا بَأْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْحَازُوا إلَى بَعْضِ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ إلَى بَعْضِ جُيُوشِهِمْ ، وَالْحُكْمُ فِي هَذَا الْبَابِ لِغَالِبِ الرَّأْيِ ، وَأَكْبَرِ الظَّنِّ دُونَ الْعَدَدِ ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْغُزَاةِ أَنَّهُمْ يُقَاوِمُونَهُمْ يَلْزَمُهُمْ الثَّبَاتُ ، وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ عَدَدًا مِنْهُمْ ، وَإِنْ كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِمْ أَنَّهُمْ يَغْلِبُونَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْحَازُوا إلَى الْمُسْلِمِينَ ; لِيَسْتَعِينُوا بِهِمْ ، وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ عَدَدًا مِنْ الْكَفَرَةِ ، وَكَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=8170_8183الْوَاحِدُ مِنْ الْغُزَاةِ لَيْسَ مَعَهُ سِلَاحٌ مَعَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ مَعَهُمَا سِلَاحٌ ، أَوْ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الْكَفَرَةِ وَمَعَهُ [ ص: 99 ] سِلَاحٌ ، لَا بَأْسَ أَنْ يُوَلِّيَ دُبُرَهُ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ : قَوْلُهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } اللَّهُ - عَزَّ شَأْنُهُ - نَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ تَوْلِيَةِ الْأَدْبَارِ عَامًّا بِقَوْلِهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=15يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمْ الْأَدْبَارَ } وَأَوْعَدَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ } الْآيَةَ ; لِأَنَّ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=15يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمْ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ } ثُمَّ اسْتَثْنَى - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - وَمَنْ يُوَلِّي دُبُرَهُ لِجِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَقَالَ - عَزَّ مِنْ قَائِلٍ - {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ }
وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْحَظْرِ إبَاحَةٌ ، فَكَانَ الْمَحْظُورُ تَوْلِيَةً مَخْصُوصَةً ، وَهِيَ أَنْ يُوَلِّيَ دُبُرَهُ غَيْرَ مُتَحَرِّفٍ لِقِتَالٍ ، وَلَا مُتَحَيِّزٍ إلَى فِئَةٍ فَبَقِيَتْ التَّوْلِيَةُ إلَى جِهَةِ التَّحَرُّفِ وَالتَّحَيُّزِ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْحَظْرِ ، فَلَا تَكُونُ مَحْظُورَةً ، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ مِنْ بَعْدِ إيمَانِهِ إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } إنَّهُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْآيَةَ الشَّرِيفَةَ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ ، وَكَذَا قَوْلُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65إنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ } وَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا } لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ ; لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ لِلتَّحَيُّزِ إلَى فِئَةٍ خَصَّ فِيهَا ، فَلَمْ تَكُنْ الْآيَتَانِ مَنْسُوخَتَيْنِ ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ .
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِلَّذِينَ فَرُّوا إلَى
الْمَدِينَةِ وَهُوَ فِيهَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6984أَنْتُمْ الْكَرَّارُونَ ، أَنَا فِئَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ } أَخْبَرَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّ الْمُتَحَيِّزَ إلَى فِئَةٍ كَرَّارٌ وَلَيْسَ بِفَرَّارٍ مِنْ الزَّحْفِ ، فَلَا يَلْحَقُهُ الْوَعِيدُ وَعَلَى هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=8370_25193إذَا كَانَتْ الْغُزَاةُ فِي سَفِينَةٍ فَاحْتَرَقَتْ السَّفِينَةُ وَخَافُوا الْغَرَقَ ، حَكَّمُوا فِيهِ غَالِبَ رَأْيِهِمْ ، وَأَكْبَرَ ظَنِّهِمْ ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى رَأْيِهِمْ أَنَّهُمْ لَوْ طَرَحُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الْبَحْرِ لِيَنْجُوا بِالسِّبَاحَةِ ، وَجَبَ عَلَيْهِمْ الطُّرُقُ لِيَسْبَحُوا فَيَتَحَيَّزُوا إلَى فِئَةٍ ، وَإِنْ اسْتَوَى جَانِبَا الْحَرْقِ وَالْغَرَقِ ، بِأَنْ كَانَ إذَا قَامُوا حُرِّقُوا ، وَإِذَا طَرَحُوا غَرِقُوا ، فَلَهُمْ الْخِيَارُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ : لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَطْرَحُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَاءِ .
( وَجْهُ ) قَوْلِهِ أَنَّهُمْ لَوْ أَلْقَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَاءِ لَهَلَكُوا ، وَلَوْ أَقَامُوا فِي السَّفِينَةِ لَهَلَكُوا أَيْضًا ، إلَّا أَنَّهُمْ لَوْ طَرَحُوا لَهَلَكُوا بِفِعْلِ أَنْفُسِهِمْ ، وَلَوْ صَبَرُوا لَهَلَكُوا بِفِعْلِ الْعَدُوِّ ، فَكَانَ الصَّبْرُ أَقْرَبَ إلَى الْجِهَادِ ، فَكَانَ أُولَى .
( وَجْهُ ) قَوْلِهِمَا أَنَّهُ اسْتَوَى الْجَانِبَانِ فِي الْإِفْضَاءِ إلَى الْهَلَاكِ ، فَيَثْبُتُ لَهُمْ الْخِيَارُ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْهَلَاكُ بِالْغَرَقِ أَرْفَقَ قَوْلُهُ لَوْ أَقَامُوا لَهَلَكُوا بِفِعْلِ الْعَدُوِّ وَقُلْنَا وَلَوْ طَرَحُوا لَهَلَكُوا بِفِعْلِ الْعَدُوِّ أَيْضًا ، إذْ الْعَدُوُّ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَهُمْ إلَيْهِ ، فَكَانَ الْهَلَاكُ فِي الْحَالَيْنِ مُضَافًا إلَى فِعْلِ الْعَدُوِّ ، ثُمَّ قَدْ يَكُونُ الْهَلَاكُ بِالْغَرَقِ أَسْهَلَ فَيَثْبُتُ لَهُمْ الْخِيَارُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=8344_7920وَلَوْ طُعِنَ مُسْلِمٌ بِرُمْحٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمْشِيَ إلَى مَنْ طَعَنَهُ مِنْ الْكَفَرَةِ حَتَّى يُجْهِزَهُ ; لِأَنَّهُ يَقْصِدُ بِالْمَشْيِ إلَيْهِ بَذْلَ نَفْسِهِ ; لِإِعْزَازِ دِينِ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - وَتَحْرِيضَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَنْ لَا يَبْخَلُوا بِأَنْفُسِهِمْ فِي قِتَالِ أَعْدَاءِ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فَكَانَ جَائِزًا وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ - .