وأما
nindex.php?page=treesubj&link=8107_8106أحكام الإيمان فنقول - والله سبحانه وتعالى الموفق للإيمان - حكمان : أحدهما يرجع إلى الآخرة ، والثاني يرجع إلى الدنيا ، أما الذي يرجع إلى الآخرة فكينونة المؤمن من أهل الجنة إذا ختم عليه قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=89من جاء بالحسنة فله [ ص: 105 ] خير منها } وأما الذي يرجع إلى الدنيا فعصمة النفس والمال ; لقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2081أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله فإذا قالوها ، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها } إلا أن عصمة النفس تثبت مقصودة ، وعصمة المال تثبت تابعة لعصمة النفس ، إذ النفس أصل في التخلق ، والمال خلق بذله للنفس استبقاء لها ، فمتى ثبتت عصمة النفس ثبتت عصمة المال ، تبعا إلا إذا وجد القاطع للتبعية على ما نذكر فعلى هذا
nindex.php?page=treesubj&link=24340_8107_8106إذا أسلم أهل بلدة من أهل دار الحرب قبل أن يظهر عليهم المسلمون حرم قتلهم ، ولا سبيل لأحد على أموالهم على ما قلنا وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35487من أسلم على مال فهو له } .
nindex.php?page=treesubj&link=8090ولو أسلم حربي في دار الحرب ولم يهاجر إلينا فقتله مسلم عمدا أو خطأ فلا شيء عليه إلا الكفارة وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف عليه الدية في الخطأ وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - عليه الدية مع الكفارة في الخطأ ، والقصاص في العمد واحتجا بالعمومات الواردة في باب القصاص والدية من غير فصل بين مؤمن قتل في دار الإسلام أو في دار الحرب .
( ولنا ) قوله - تبارك وتعالى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } أوجب - سبحانه وتعالى - الكفارة وجعلها كل موجب قتل المؤمن الذي هو من قوم عدو لنا ; لأنه جعله جزاء ، والجزاء ينبئ عن الكفاية ، فاقتضى وقوع الكفاية بها عما سواها من القصاص والدية جميعا ، ولأن القصاص لم يشرع إلا لحكمة الحياة قال الله - تعالى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=179ولكم في القصاص حياة } والحاجة إلى الإحياء عند قصد القتل لعداوة حاملة عليه ، ولا يكون ذلك إلا عند المخالطة ، ولو لم توجد هاهنا وعلى هذا إذا أسلم ولم يهاجر إلينا حتى ظهر المسلمون على الدار ، فما كان في يده من المقتول فهو له ، ولا يكون فيئا إلا عبدا يقاتل فإنه يكون فيئا ; لأن نفسه استفادت العصمة بالإسلام ، وماله الذي في يده تابع له من كل وجه ، فكان معصوما تبعا لعصمة النفس ، إلا عبدا يقاتل ; لأنه إذا قاتل فقد خرج من يد المولى ، فلم يبق تبعا له ، فانقطعت العصمة لانقطاع التبعية ، فيكون محلا للتملك بالاستيلاء .
وكذلك ما كان في يد مسلم أو ذمي وديعة له فهو له ، ولا يكون فيئا ; لأن يد المودع يده من وجه من حيث إنه يحفظ الوديعة له ، ويد نفسه من حيث الحقيقة وكل واحد منهما معصوم فكان ما في يده معصوما فلا يكون محلا للتملك وأما ما كان في يد حربي وديعة ، فيكون فيئا عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة .
وعندهما يكون له ; لأن يد المودع يده ، فكان معصوما والصحيح قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - رحمه الله ; لأنه من حيث إنه يحفظ له تكون يده فيكون تبعا له ، فيكون معصوما ، ومن حيث الحقيقة لا يكون معصوما ; لأن نفس الحربي غير معصومة ، فوقع الشك في العصمة ، فلا تثبت العصمة مع الشك ، وكذا عقاره يكون فيئا عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد هو والمنقول سواء والصحيح قولهما ; لأنه من حيث إنه يتصرف فيه بحسب مشيئته يكون في يده ، فيكون تبعا له من حيث إنه محصن محفوظ بنفسه ليس في يده ، فلا يكون تبعا له ، فلا تثبت العصمة مع الشك وأما أولاده الصغار فأحرار مسلمون تبعا له ، وأولاده الكبار وامرأته يكونون فيئا ; لأنهم في حكم أنفسهم لانعدام التبعية .
وأما الولد الذي في البطن فهو مسلم تبعا لأبيه ورقيق تبعا لأمه ، وفيه إشكال ، وهو أن هذا إنشاء الرق على المسلم ، وأنه ممنوع والجواب أن الممتنع إنشاء الرق على من هو مسلم حقيقة ، لا على من له حكم الوجود ، والإسلام شرعا ، هذا إذا أسلم ولم يهاجر إلينا ، فظهر المسلمون على الدار ، فلو أسلم وهاجر إلينا ثم ظهر المسلمون على الدار .
أما أمواله فما كان في يد مسلم أو ذمي وديعة فهو له ، ولا يكون فيئا لما ذكرنا ، وما سوى ذلك فهو فيء لما ذكرنا أيضا وقيل ما كان في يد حربي وديعة فهو على الخلاف الذي ذكرنا .
وأما أولاده الصغار فيحكم بإسلامه تبعا لأبيهم ، ولا يسترقون ; لأن الإسلام يمنع إنشاء الرق إلا رقا ثبت حكما بأن كان الولد في بطن الأم ، وأولاده الكبار فيء ; لأنهم في حكم أنفسهم ، فلا يكونون مسلمين بإسلام أبيهم .
وكذلك زوجته والولد الذي في البطن يكون مسلما تبعا لأبيه ، ورقيقا تبعا لأمه ، ولو دخل الحربي دار الإسلام ثم أسلم ، ثم ظهر المسلمون على الدار ، فجميع ماله وأولاده الصغار ، والكبار ، وامرأته ، وما في بطنها فيء ، لما لم يسلم في دار الحرب حتى خرج إلينا لم تثبت العصمة لماله ; لانعدام عصمة النفس .
فبعد ذلك وإن صارت معصومة ، لكن بعد تباين الدارين ، وأنه يمنع ثبوت التبعية
nindex.php?page=treesubj&link=8575_25954ولو دخل مسلم أو ذمي دار الحرب فأصاب هناك مالا ، ثم ظهر المسلمون على الدار فحكمه وحكم الذي
[ ص: 106 ] أسلم من أهل الحرب ولم يهاجر إلينا سواء والله - عز وجل - أعلم .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=8107_8106أَحْكَامُ الْإِيمَانِ فَنَقُولُ - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ لِلْإِيمَانِ - حُكْمَانِ : أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ إلَى الْآخِرَةِ ، وَالثَّانِي يَرْجِعُ إلَى الدُّنْيَا ، أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْآخِرَةِ فَكَيْنُونَةُ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إذَا خَتَمَ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=89مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ [ ص: 105 ] خَيْرٌ مِنْهَا } وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الدُّنْيَا فَعِصْمَةُ النَّفْسِ وَالْمَالِ ; لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2081أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا } إلَّا أَنَّ عِصْمَةَ النَّفْسِ تَثْبُتُ مَقْصُودَةً ، وَعِصْمَةُ الْمَالِ تَثْبُتُ تَابِعَةً لِعِصْمَةِ النَّفْسِ ، إذْ النَّفْسُ أَصْلٌ فِي التَّخَلُّقِ ، وَالْمَالُ خُلِقَ بَذْلُهُ لِلنَّفْسِ اسْتِبْقَاءً لَهَا ، فَمَتَى ثَبَتَتْ عِصْمَةُ النَّفْسِ ثَبَتَتْ عِصْمَةُ الْمَالِ ، تَبَعًا إلَّا إذَا وُجِدَ الْقَاطِعُ لِلتَّبَعِيَّةِ عَلَى مَا نَذْكُرُ فَعَلَى هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=24340_8107_8106إذَا أَسْلَمَ أَهْلُ بَلْدَةٍ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ حَرُمَ قَتْلُهُمْ ، وَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَى أَمْوَالِهِمْ عَلَى مَا قُلْنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35487مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مَالٍ فَهُوَ لَهُ } .
nindex.php?page=treesubj&link=8090وَلَوْ أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْكَفَّارَةُ وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَيْهِ الدِّيَةُ مَعَ الْكَفَّارَةِ فِي الْخَطَأِ ، وَالْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَاحْتَجَّا بِالْعُمُومَات الْوَارِدَةِ فِي بَابِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ مُؤْمِنٍ قُتِلَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ .
( وَلَنَا ) قَوْلُهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ } أَوْجَبَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - الْكَفَّارَةَ وَجَعَلَهَا كُلَّ مُوجِبِ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ الَّذِي هُوَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَنَا ; لِأَنَّهُ جَعَلَهُ جَزَاءً ، وَالْجَزَاءُ يُنْبِئُ عَنْ الْكِفَايَةِ ، فَاقْتَضَى وُقُوعَ الْكِفَايَةِ بِهَا عَمَّا سِوَاهَا مِنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ جَمِيعًا ، وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا لِحِكْمَةِ الْحَيَاةِ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=179وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } وَالْحَاجَةُ إلَى الْإِحْيَاءِ عِنْدَ قَصْدِ الْقَتْلِ لِعَدَاوَةٍ حَامِلَةٍ عَلَيْهِ ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ الْمُخَالَطَةِ ، وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ هَاهُنَا وَعَلَى هَذَا إذَا أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا حَتَّى ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ ، فَمَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ الْمَقْتُولِ فَهُوَ لَهُ ، وَلَا يَكُونُ فَيْئًا إلَّا عَبْدًا يُقَاتِلُ فَإِنَّهُ يَكُون فَيْئًا ; لِأَنَّ نَفْسَهُ اسْتَفَادَتْ الْعِصْمَةَ بِالْإِسْلَامِ ، وَمَالُهُ الَّذِي فِي يَدِهِ تَابِعٌ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، فَكَانَ مَعْصُومًا تَبَعًا لِعِصْمَةِ النَّفْسِ ، إلَّا عَبْدًا يُقَاتِلُ ; لِأَنَّهُ إذَا قَاتَلَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى ، فَلَمْ يَبْقَ تَبَعًا لَهُ ، فَانْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ ، فَيَكُون مَحَلًّا لِلتَّمَلُّكِ بِالِاسْتِيلَاءِ .
وَكَذَلِكَ مَا كَانَ فِي يَدِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَدِيعَةً لَهُ فَهُوَ لَهُ ، وَلَا يَكُونُ فَيْئًا ; لِأَنَّ يَدَ الْمُودِعِ يَدُهُ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَحْفَظُ الْوَدِيعَةَ لَهُ ، وَيَدُ نَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْصُومٌ فَكَانَ مَا فِي يَدِهِ مَعْصُومًا فَلَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلتَّمَلُّكِ وَأَمَّا مَا كَانَ فِي يَدِ حَرْبِيٍّ وَدِيعَةً ، فَيَكُونُ فَيْئًا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ .
وَعِنْدَهُمَا يَكُونُ لَهُ ; لِأَنَّ يَدَ الْمُودِعِ يَدُهُ ، فَكَانَ مَعْصُومًا وَالصَّحِيحُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ ; لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَحْفَظُ لَهُ تَكُونُ يَدُهُ فَيَكُونُ تَبَعًا لَهُ ، فَيَكُونُ مَعْصُومًا ، وَمِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ لَا يَكُونُ مَعْصُومًا ; لِأَنَّ نَفْسَ الْحَرْبِيِّ غَيْرُ مَعْصُومَةٍ ، فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي الْعِصْمَةِ ، فَلَا تَثْبُتُ الْعِصْمَةُ مَعَ الشَّكِّ ، وَكَذَا عَقَارُهُ يَكُونُ فَيْئًا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ هُوَ وَالْمَنْقُولُ سَوَاءٌ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا ; لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِحَسَبِ مَشِيئَتِهِ يَكُونُ فِي يَدِهِ ، فَيَكُونُ تَبَعًا لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُحْصَنٌ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ لَيْسَ فِي يَدِهِ ، فَلَا يَكُونُ تَبَعًا لَهُ ، فَلَا تَثْبُتُ الْعِصْمَةُ مَعَ الشَّكِّ وَأَمَّا أَوْلَادُهُ الصِّغَارُ فَأَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ تَبَعًا لَهُ ، وَأَوْلَادُهُ الْكِبَارُ وَامْرَأَتُهُ يَكُونُونَ فَيْئًا ; لِأَنَّهُمْ فِي حُكْمِ أَنْفُسِهِمْ لِانْعِدَامِ التَّبَعِيَّةِ .
وَأَمَّا الْوَلَدُ الَّذِي فِي الْبَطْنِ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِأَبِيهِ وَرَقِيقٌ تَبَعًا لِأُمِّهِ ، وَفِيهِ إشْكَالٌ ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا إنْشَاءُ الرِّقِّ عَلَى الْمُسْلِمِ ، وَأَنَّهُ مَمْنُوعٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ إنْشَاءُ الرِّقِّ عَلَى مَنْ هُوَ مُسْلِمٌ حَقِيقَةً ، لَا عَلَى مَنْ لَهُ حُكْمُ الْوُجُودِ ، وَالْإِسْلَامُ شَرْعًا ، هَذَا إذَا أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا ، فَظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ ، فَلَوْ أَسْلَمَ وَهَاجَرَ إلَيْنَا ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ .
أَمَّا أَمْوَالُهُ فَمَا كَانَ فِي يَدِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَدِيعَةً فَهُوَ لَهُ ، وَلَا يَكُونُ فَيْئًا لِمَا ذَكَرْنَا ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فَيْءٌ لِمَا ذَكَرْنَا أَيْضًا وَقِيلَ مَا كَانَ فِي يَدِ حَرْبِيٍّ وَدِيعَةً فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا .
وَأَمَّا أَوْلَادُهُ الصِّغَارُ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَبِيهِمْ ، وَلَا يُسْتَرَقُّونَ ; لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَمْنَعُ إنْشَاءَ الرِّقِّ إلَّا رِقًّا ثَبَتَ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِ الْأُمِّ ، وَأَوْلَادُهُ الْكِبَارُ فَيْءٌ ; لِأَنَّهُمْ فِي حُكْمِ أَنْفُسِهِمْ ، فَلَا يَكُونُونَ مُسْلِمِينَ بِإِسْلَامِ أَبِيهِمْ .
وَكَذَلِكَ زَوْجَتُهُ وَالْوَلَدُ الَّذِي فِي الْبَطْنِ يَكُونُ مُسْلِمًا تَبَعًا لِأَبِيهِ ، وَرَقِيقًا تَبَعًا لِأُمِّهِ ، وَلَوْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَسْلَمَ ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ ، فَجَمِيعُ مَالِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ ، وَالْكِبَارِ ، وَامْرَأَتِهِ ، وَمَا فِي بَطْنِهَا فَيْءٌ ، لِمَا لَمْ يُسْلِمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَتَّى خَرَجَ إلَيْنَا لَمْ تَثْبُتْ الْعِصْمَةُ لِمَالِهِ ; لِانْعِدَامِ عِصْمَةِ النَّفْسِ .
فَبَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ صَارَتْ مَعْصُومَةً ، لَكِنْ بَعْدَ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ ، وَأَنَّهُ يُمْنَعُ ثُبُوتَ التَّبَعِيَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=8575_25954وَلَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ دَارَ الْحَرْبِ فَأَصَابَ هُنَاكَ مَالًا ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ فَحُكْمُهُ وَحُكْمُ الَّذِي
[ ص: 106 ] أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا سَوَاءٌ وَاَللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَعْلَمُ .