الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                والكلام في وجوب الجزية في مواضع : في بيان سبب وجوب الجزية ، وفي بيان شرائط الوجوب ، وفي بيان وقت الوجوب ، وفي بيان مقدار الواجب ، وفي بيان ما يسقط به بعد الوجوب .

                                                                                                                                ( أما ) الأول فسبب وجوبها عقد الذمة .

                                                                                                                                وأما شرائط الوجوب فأنواع : ( منها ) العقل ( ومنها ) البلوغ ( ومنها ) الذكورة ، فلا تجب على الصبيان والنساء والمجانين ; لأن الله - سبحانه وتعالى - أوجب الجزية على من هو من أهل القتال بقوله تعالى { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } الآية والمقاتلة مفاعلة من القتال فتستدعي أهلية القتال من الجانبين ، فلا تجب على من ليس من أهل القتال ، وهؤلاء ليسوا من أهل القتال فلا تجب عليهم .

                                                                                                                                ( ومنها ) الصحة ، فلا تجب على المريض إذا مرض السنة كلها ; لأن المريض لا يقدر على القتال ، وكذلك إن مرض أكثر السنة ، وإن صح أكثر السنة وجبت ; لأن للأكثر حكم الكل .

                                                                                                                                ( ومنها ) السلامة عن الزمانة والعمى والكبر في ظاهر الرواية ، فلا تجب على الزمن والأعمى والشيخ الكبير وروي عن أبي يوسف أنها ليست بشرط ، وتجب على هؤلاء إذا كان لهم مال ، والصحيح جواب ظاهر الرواية ; لأن هؤلاء ليسوا من أهل القتال عادة ألا ترى أنهم لا يقتلون ؟ وكذا الفقير الذي لا يعتمل لا قدرة له لأن من لا يقدر على العمل لا يكون من أهل القتال .

                                                                                                                                ( وأما ) أصحاب الصوامع فعليهم الجزية إذا كانوا قادرين على العمل ; لأنهم من أهل القتال ، فعدم العمل مع القدرة على العمل لا يمنع الوجوب ، كما إذا كان له أرض خراجية فلم يزرعها مع القدرة على الزراعة ، لا يسقط عنه الخراج والله - تعالى - أعلم .

                                                                                                                                ( ومنها ) الحرية ، فلا تجب على العبد ; لأن العبد ليس من أهل ملك المال .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية