أما القتل العمد المحض فيتعلق به أحكام : منها وجوب القصاص ، والكلام في القصاص في مواضع : في بيان شرائط وجوب القصاص ، وفي بيان كيفية وجوبه ، وفي بيان من يستحق القصاص ، وفي بيان من يلي استيفاء القصاص ، وشرط جواز استيفائه ، وفي بيان ما يستوفى به القصاص ، وكيفية الاستيفاء ، وفي بيان ما يسقط القصاص بعد وجوبه .
( أما ) الأول : .
فلوجوب القصاص شرائط : بعضها يرجع إلى القاتل ، وبعضها يرجع إلى المقتول ، وبعضها يرجع إلى نفس القتل ، وبعضها يرجع إلى ولي القتيل أما
nindex.php?page=treesubj&link=9137_9136_9139_9138الذي يرجع إلى القاتل فخمسة : أحدها : أن يكون عاقلا ، والثاني : أن يكون بالغا ، فإن كان مجنونا أو صبيا لا يجب ; لأن القصاص عقوبة ، وهما ليسا من أهل العقوبة ، لأنها لا تجب إلا بالجناية ، وفعلهما لا يوصف بالجناية .
ولهذا لم تجب عليهما الحدود .
وأما ذكورة القاتل ، وحريته ، وإسلامه فليس من شرائط الوجوب ، والثالث : أن يكون متعمدا في القتل قاصدا إياه فإن كان مخطئا فلا قصاص عليه لقول النبي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14641العمد قود } أي القتل العمد يوجب القود ، شرط العمد لوجوب القود ، ولأن القصاص عقوبة متناهية فيستدعي جناية متناهية ، والجناية لا تتناهى إلا بالعمد ، والرابع : أن يكون القتل منه عمدا محضا ليس فيه شبهة العمد ، لأنه عليه الصلاة والسلام شرط العمد مطلقا بقول النبي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14641العمد قود } ، والعمد المطلق هو العمد من كل وجه ، ولا كمال مع شبهة العمد .
ولأن الشبهة في هذا الباب ملحقة بالحقيقة ، وعلى هذا يخرج القتل بضربة أو ضربتين على قصد القتل أنه لا يوجب القود ; لأن الضربة أو الضربتين مما لا يقصد به القتل عادة بل التأديب والتهذيب ، فتمكنت في القصد شبهة العمد ، وعلى هذا يخرج قول أصحابنا رضي الله عنهم في
nindex.php?page=treesubj&link=9138_9139_9141الموالاة في الضربات أنها لا توجب القصاص خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي .
( وجه ) قوله أن الموالاة في الضربات دليل قصد القتل لأنها لا يقصد بها التأديب عادة ، وأصل القصد موجود فيتمحض القتل عمدا فيوجب القصاص .
( ولنا ) أن شبهة عدم القصد ثابتة ، لأنه يحتمل حصول القتل بالضربة ، والضربتين على سبيل الاستقلال من غير الحاجة إلى الضربات الأخر ، والقتل بضربة أو ضربتين لا يكون عمدا ، فتبين بذلك أنه لا يوجب القصاص ، وإذا جاء الاحتمال جاءت الشبهة وزيادة ، وعلى هذا يخرج قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رضي الله عنه في القتل بالمثقل أنه لا يوجب القود خلافا لهما ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي رحمهم الله .
( وجه ) قولهم أن الضرب بالمثقل مهلك عادة ألا ترى أنه لا يستعمل إلا في القتل فكان استعماله دليل القصد إلى القتل كاستعمال السيف ، وقد انضم إليه أصل القصد فكان القتل الحاصل به عمدا محضا ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة رحمه الله طريقان مختلفان على حسب اختلاف الروايتين عنه ، أحدهما أن القتل بآلة غير معدة للقتل دليل عدم القصد ، لأن تحصيل كل فعل بالآلة المعدة له ، فحصوله بغير ما أعد له دليل عدم القصد ، والمثقل ، ما يجري مجراه ليس بمعد للقتل عادة فكان القتل به دلالة عدم القصد ، فيتمكن في العمدية شبهة العمد ، بخلاف القتل بحديد لا حد له ; لأن الحديد آلة معدة للقتل قال الله تبارك ، وتعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=25، وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد } ، والقتل بالعمود معتاد ، فكان القتل به دليل القصد فيتمحض عمدا ، وهذا على قياس ظاهر الرواية ، والثاني وهو قياس رواية
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي رحمه الله هو اعتبار الجرح أنه يمكن القصور في هذا القتل لوجود فساد الباطن دون الظاهر ، وهو نقض التركيب ، وفي الاستيفاء إفساد الباطن والظاهر جميعا ، فلا تتحقق المماثلة ، وعلى هذا الخلاف إذا
nindex.php?page=treesubj&link=9324_24379_9323خنق رجلا فقتله أو غرقه بالماء أو ألقاه من جبل أو سطح فمات أنه لا قصاص فيه عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وعندهما يجب ، ولو طين على أحد بيتا حتى مات جوعا أو عطشا لا يضمن شيئا عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وعندهما يضمن الدية .
( وجه ) قولهما أن الطين الذي عليه تسبيب لإهلاكه ، لأنه لا بقاء للآدمي إلا بالأكل ، والشرب فالمنع عند استيلاء الجوع والعطش عليه يكون
[ ص: 235 ] إهلاكا له ، فأشبه حفر البئر على قارعة الطريق ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة رحمه الله أن الهلاك حصل بالجوع والعطش لا بالتطيين ، ولا صنع لأحد في الجوع والعطش ، بخلاف الحفر فإنه سبب للوقوع ، والحفر حصل من الحافر فكان قتلا تسبيبا ، ولو أطعم غيره سما فمات ، فإن كان تناول بنفسه فلا ضمان على الذي أطعمه ; لأنه أكله باختياره ، لكنه يعزر ، ويضرب ، ويؤدب ; لأنه ارتكب جناية ليس لها حد مقدر ، وهي الغرور فإن أوجره السم فعليه الدية عندنا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله عليه القصاص ، ولو غرق إنسانا فمات أو صاح على وجهه فمات فلا قود عليه عندنا ، وعليه الدية ، وعنده عليه القود ، والخامس : أن يكون القاتل مختارا ، اختيار الإيثار عند
أصحابنا الثلاثة رحمهم الله وعند
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي رحمهما الله هذا ليس بشرط ، وعلى هذا يخرج المكره على القتل أنه لا قصاص عليه عندنا ، خلافا لهما ، والمسألة مرت في كتاب الإكراه .
أَمَّا الْقَتْلُ الْعَمْدُ الْمَحْضُ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ : مِنْهَا وُجُوبُ الْقِصَاصِ ، وَالْكَلَامُ فِي الْقِصَاصِ فِي مَوَاضِعَ : فِي بَيَانِ شَرَائِطِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ ، وَفِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ وُجُوبِهِ ، وَفِي بَيَانِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ ، وَفِي بَيَانِ مَنْ يَلِي اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ ، وَشَرْطِ جَوَازِ اسْتِيفَائِهِ ، وَفِي بَيَانِ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ الْقِصَاصُ ، وَكَيْفِيَّةِ الِاسْتِيفَاءِ ، وَفِي بَيَانِ مَا يُسْقِطُ الْقِصَاصَ بَعْدَ وُجُوبِهِ .
( أَمَّا ) الْأَوَّلُ : .
فَلِوُجُوبِ الْقِصَاصِ شَرَائِطُ : بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْقَاتِلِ ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَقْتُولِ ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْقَتْلِ ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=9137_9136_9139_9138الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْقَاتِلِ فَخَمْسَةٌ : أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا ، وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ بَالِغًا ، فَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا لَا يَجِبُ ; لِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ ، وَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْعُقُوبَةِ ، لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالْجِنَايَةِ ، وَفِعْلُهُمَا لَا يُوصَفُ بِالْجِنَايَةِ .
وَلِهَذَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمَا الْحُدُودُ .
وَأَمَّا ذُكُورَةُ الْقَاتِلِ ، وَحُرِّيَّتُهُ ، وَإِسْلَامُهُ فَلَيْسَ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ ، وَالثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا فِي الْقَتْلِ قَاصِدًا إيَّاهُ فَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14641الْعَمْدُ قَوَدٌ } أَيْ الْقَتْلُ الْعَمْدُ يُوجِبُ الْقَوَدَ ، شَرَطَ الْعَمْدَ لِوُجُوبِ الْقَوَدِ ، وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ مُتَنَاهِيَةٌ فَيَسْتَدْعِي جِنَايَةً مُتَنَاهِيَةً ، وَالْجِنَايَةُ لَا تَتَنَاهَى إلَّا بِالْعَمْدِ ، وَالرَّابِعُ : أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ مِنْهُ عَمْدًا مَحْضًا لَيْسَ فِيهِ شُبْهَةُ الْعَمْدِ ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ شُرِطَ الْعَمْدُ مُطْلَقًا بِقَوْلِ النَّبِيِّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14641الْعَمْدُ قَوَدٌ } ، وَالْعَمْدُ الْمُطْلَقُ هُوَ الْعَمْدُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، وَلَا كَمَالَ مَعَ شُبْهَةِ الْعَمْدِ .
وَلِأَنَّ الشُّبْهَةَ فِي هَذَا الْبَابِ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ ، وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ الْقَتْلُ بِضَرْبَةٍ أَوْ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى قَصْدِ الْقَتْلِ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْقَوَدَ ; لِأَنَّ الضَّرْبَةَ أَوْ الضَّرْبَتَيْنِ مِمَّا لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ عَادَةً بَلْ التَّأْدِيبُ وَالتَّهْذِيبُ ، فَتَمَكَّنَتْ فِي الْقَصْدِ شُبْهَةُ الْعَمْدِ ، وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=9138_9139_9141الْمُوَالَاةِ فِي الضَّرَبَاتِ أَنَّهَا لَا تُوجِبُ الْقِصَاصَ خِلَافًا
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيَّ .
( وَجْهُ ) قَوْلِهِ أَنَّ الْمُوَالَاةَ فِي الضَّرَبَاتِ دَلِيلُ قَصْدِ الْقَتْلِ لِأَنَّهَا لَا يُقْصَدُ بِهَا التَّأْدِيبُ عَادَةً ، وَأَصْلُ الْقَصْدِ مَوْجُودٌ فَيَتَمَحَّضُ الْقَتْلُ عَمْدًا فَيُوجِبُ الْقِصَاصَ .
( وَلَنَا ) أَنَّ شُبْهَةَ عَدَمِ الْقَصْدِ ثَابِتَةٌ ، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ حُصُولُ الْقَتْلِ بِالضَّرْبَةِ ، وَالضَّرْبَتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ مِنْ غَيْرِ الْحَاجَةِ إلَى الضَّرَبَاتِ الْأُخَرِ ، وَالْقَتْلُ بِضَرْبَةٍ أَوْ ضَرْبَتَيْنِ لَا يَكُونُ عَمْدًا ، فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ ، وَإِذَا جَاءَ الِاحْتِمَالُ جَاءَتْ الشُّبْهَةُ وَزِيَادَةٌ ، وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْقَوَدَ خِلَافًا لَهُمَا ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ .
( وَجْهُ ) قَوْلِهِمْ أَنَّ الضَّرْبَ بِالْمُثْقَلِ مُهْلِكٌ عَادَةً أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الْقَتْلِ فَكَانَ اسْتِعْمَالُهُ دَلِيلَ الْقَصْدِ إلَى الْقَتْلِ كَاسْتِعْمَالِ السَّيْفِ ، وَقَدْ انْضَمَّ إلَيْهِ أَصْلُ الْقَصْدِ فَكَانَ الْقَتْلُ الْحَاصِلُ بِهِ عَمْدًا مَحْضًا ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ طَرِيقَانِ مُخْتَلِفَانِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ ، أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَتْلَ بِآلَةٍ غَيْرِ مُعَدَّةٍ لِلْقَتْلِ دَلِيلُ عَدَمِ الْقَصْدِ ، لِأَنَّ تَحْصِيلَ كُلِّ فِعْلٍ بِالْآلَةِ الْمُعَدَّةِ لَهُ ، فَحُصُولُهُ بِغَيْرِ مَا أُعِدَّ لَهُ دَلِيلُ عَدَمِ الْقَصْدِ ، وَالْمُثْقَلُ ، مَا يَجْرِي مَجْرَاهُ لَيْسَ بِمُعَدٍّ لِلْقَتْلِ عَادَةً فَكَانَ الْقَتْلُ بِهِ دَلَالَةُ عَدَمِ الْقَصْدِ ، فَيَتَمَكَّنُ فِي الْعَمْدِيَّةِ شُبْهَةُ الْعَمْدِ ، بِخِلَافِ الْقَتْل بِحَدِيدٍ لَا حَدَّ لَهُ ; لِأَنَّ الْحَدِيدَ آلَةٌ مُعَدَّةٌ لِلْقَتْلِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ ، وَتَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=25، وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } ، وَالْقَتْلُ بِالْعَمُودِ مُعْتَادٌ ، فَكَانَ الْقَتْلُ بِهِ دَلِيلُ الْقَصْدِ فَيَتَمَحَّضُ عَمْدًا ، وَهَذَا عَلَى قِيَاسِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ، وَالثَّانِي وَهُوَ قِيَاسُ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ هُوَ اعْتِبَارُ الْجُرْحِ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْقُصُورُ فِي هَذَا الْقَتْلِ لِوُجُودِ فَسَادِ الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ ، وَهُوَ نَقْضُ التَّرْكِيبِ ، وَفِي الِاسْتِيفَاءِ إفْسَادُ الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ جَمِيعًا ، فَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُمَاثَلَةُ ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=9324_24379_9323خَنَقَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ أَوْ غَرَّقَهُ بِالْمَاءِ أَوْ أَلْقَاهُ مِنْ جَبَلٍ أَوْ سَطْحٍ فَمَاتَ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ، وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ ، وَلَوْ طَيَّنَ عَلَى أَحَدٍ بَيْتًا حَتَّى مَاتَ جُوعًا أَوْ عَطَشًا لَا يَضْمَنُ شَيْئًا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الدِّيَةَ .
( وَجْهُ ) قَوْلِهِمَا أَنَّ الطِّينَ الَّذِي عَلَيْهِ تَسْبِيبٌ لِإِهْلَاكِهِ ، لِأَنَّهُ لَا بَقَاءَ لِلْآدَمِيِّ إلَّا بِالْأَكْلِ ، وَالشُّرْبِ فَالْمَنْعُ عِنْدَ اسْتِيلَاءِ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ عَلَيْهِ يَكُونُ
[ ص: 235 ] إهْلَاكًا لَهُ ، فَأَشْبَه حَفْرَ الْبِئْرِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْهَلَاكَ حَصَلَ بِالْجُوعِ وَالْعَطَشِ لَا بِالتَّطْيِينِ ، وَلَا صُنْعَ لِأَحَدٍ فِي الْجُوعِ وَالْعَطَشِ ، بِخِلَافِ الْحَفْرِ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِلْوُقُوعِ ، وَالْحَفْرُ حَصَلَ مِنْ الْحَافِرِ فَكَانَ قَتْلًا تَسْبِيبًا ، وَلَوْ أَطْعَمَ غَيْرَهُ سُمًّا فَمَاتَ ، فَإِنْ كَانَ تَنَاوَلَ بِنَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي أَطْعَمَهُ ; لِأَنَّهُ أَكَلَهُ بِاخْتِيَارِهِ ، لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ ، وَيُضْرَبُ ، وَيُؤَدَّبُ ; لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ جِنَايَةً لَيْسَ لَهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ ، وَهِيَ الْغَرُورُ فَإِنْ أَوْجَرَهُ السُّمَّ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ ، وَلَوْ غَرَّقَ إنْسَانًا فَمَاتَ أَوْ صَاحَ عَلَى وَجْهِهِ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ ، وَعِنْدَهُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ ، وَالْخَامِسُ : أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ مُخْتَارًا ، اخْتِيَارُ الْإِيثَارِ عِنْدَ
أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ ، وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْقَتْلِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، خِلَافًا لَهُمَا ، وَالْمَسْأَلَةُ مَرَّتْ فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ .