الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ومنها أن يكون الجاني ، والمجني عليه حرين فإن كان أحدهما حرا والآخر عبدا أو كانا عبدين فلا قصاص فيه .

                                                                                                                                ومنها أن يكونا ذكرين أو أنثيين عندنا فإن كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى فلا قصاص فيه عند أصحابنا .

                                                                                                                                وعند الشافعي - رحمه الله - هذا ليس بشرط ، ويجري القصاص بين الذكر والأنثى فيما دون النفس كما يجرى في النفس ، وهذان الشرطان في الحقيقة عندنا متداخلان لأنهما دخلا في شرط المماثلة ; لأن المماثلة في الأروش شرط وجوب القصاص فيما دون النفس بدليل أن الصحيح لا يقطع بالأشل ، ولا كامل الأصابع بناقص الأصابع ، ولما ذكرنا فيما تقدم أن ما دون النفس يسلك به مسلك الأموال والمماثلة في الأموال في باب الأموال معتبرة ، ولم توجد المماثلة بين الأحرار والعبيد في الأروش ; لأن أرش طرف العبد ليس بمقدر بل يجب باعتبار قيمته ، وأرش طرف الحر مقدر فلا يوجد التساوي بين أرشيهما ، ولئن اتفق استواؤهما في القدر فلا يعتبر ذلك ; لأن قيمة طرف العبد تعرف بالحزر والظن بتقويم المقومين فلا تعرف المساواة فلا يجب القصاص .

                                                                                                                                وكذا لم يوجد بين العبيد والعبيد لأنهم إن اختلفت قيمتهم فلم يوجد التساوي في الأرش ، وإن استوت قيمتهم فلا يعرف ذلك إلا بالحزر والظن لأنه يعرف بتقويم المقومين ، وذلك يختلف فلا يعرف التساوي في أروشهم فلا يجب القصاص أوتبقى فيه شبهة العدم ، والشبهة في باب القصاص ملحقة بالحقيقة .

                                                                                                                                ولا بين الذكور والإناث فيما دون النفس ; لأن أرش الأنثى نصف أرش الذكر .

                                                                                                                                وعند الشافعي - رحمه الله - المساواة في الأروش في الأحرار غير معتبرة ( وجه ) قوله أن القصاص جرى بين نفسيهما فيجري بين طرفيهما ; لأن الطرف تابع للنفس ( ولنا ) أنه لا مساواة بين أرشيهما فلا قصاص في طرفيهما كالصحيح مع الأشل .

                                                                                                                                ولا قصاص في الأظفار لانعدام المساواة في أروشها لأن أرش الظفر الحكومة ، وأنها معتبرة بالحزر والظن ، والله تعالى الموفق .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية