الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو أن رجلا أمر عشرة أن يضربوا عبده أمر كل واحد منهم أن يضربه سوطا فضربه كل واحد منهم ما أمره ثم ضربه رجل آخر - لم يأمره - سوطا فمات من ذلك كله فعلى الذي لم يؤمر أرش السوط الذي ضربه من قيمته مضروبا عشرة أسواط ، وعليه أيضا جزء من أحد عشر جزءا من قيمته مضروبا أحد عشر سوطا ، وإنما كان كذلك ( أما ) وجوب أرش السوط الذي ضربه فلأنه نقصه بالضرب فيلزمه ضمان النقصان ( وأما ) اعتبار قيمة العبد مضروبا عشرة أسواط فلأنه ضربه بعدما انتقص من ضرب العشرة ، وذلك حصل من فعل غيره فلا يكون عليه ، وإنما عليه ضمان ما نقصه سوطه الحادي عشر من قيمته لذلك اعتبرت قيمته ، وهو مضروب عشرة فيقوم وهو غير مضروب ويقوم وهو مضروب عشرة أسواط فيلزم الذي لم يؤمر بالضرب ذلك القدر ( وأما ) وجوب جزء من أحد عشر جزءا من قيمته فلأنه مات من أحد عشر سوطا كل سوط حصل ممن يتعلق بفعله حكم في الجملة ، وهو الآدمي فانقسم الضمان على عددهم ثم ما أصاب العشرة سقط عنهم لحصوله بإذن المالك ، وما أصاب الحادي عشر ضمنه الذي لم يؤمر بالضرب لأنه ضرب بغير إذن المالك ( وأما ) اعتبار تضمينه مضروبا بأحد عشر سوطا فلأن البعض الحاصل بضرب العشرة حصل بفعل غيره فلا يكون عليه ضمانه ( وأما ) السوط الحادي عشر فلأنه قد ضمن نقصانه مرة فلا يضمنه ثانيا ، وإنما لم يدخل نقصان السوط فيما وجب عليه من القيمة ; لأن كل واحد منهما ضمان الجزء ، وضمان الجزء إذا تعلق بسبب واحد لا يدخل أحدهما في الآخر بخلاف ما إذا ضربه واحد ومات من ذلك إنه يضمن القيمة دون النقصان لأنه اجتمع هناك ضمان جزء وضمان كل فيدخل ضمان الجزء في ضمان الكل لاتحاد سبب الضمانين هذا إذا أمر المولى عشرة أن يضربه كل واحد منهم سوطا فإن كان المولى هو الذي ضربه عشرة أسواط بيده ثم ضربه أجنبي سوطا ثم مات من ذلك كله فعلى الأجنبي ما نقصه السوط الحادي عشر من قيمته مضروبا بعشرة أسواط ، وعليه أيضا نصف قيمته مضروبا أحد عشر سوطا أما وجوب ضمان نقصان السوط ، واعتبار قيمته مضروبا بعشرة أسواط فلما ذكرنا ( وأما ) وجوب نصف قيمته فلأنه مات من سوطين في الحاصل ; لأن ضرب الأسواط العشرة من المولى بمنزلة جناية واحدة لأنها حصلت من رجل واحد ، والجنايات من واحد وإن كثرت فهي في حكم جناية واحدة فصار كأنه مات من سوطين سوط المولى وسوط الأجنبي ، وسوط المولى ليس بمضمون ، وسوط الأجنبي مضمون فسقط نصف القيمة وثبت نصفها ( وأما ) اعتبار قيمته مضروبا أحد عشر سوطا وعدم دخول ضمان النقصان في ضمان القيمة فلما ذكرنا في المسألة المتقدمة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية