الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) الذي يرجع إلى نفس القرض : فهو أن لا يكون فيه جر منفعة ، فإن كان لم يجز ، نحو ما إذا أقرضه دراهم غلة ، على أن يرد عليه صحاحا ، أو أقرضه وشرط شرطا له فيه منفعة ; لما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه { نهى عن قرض جر نفعا } ; ولأن الزيادة المشروطة تشبه الربا ; لأنها فضل لا يقابله عوض ، والتحرز عن حقيقة الربا ، وعن شبهة الربا واجب هذا إذا كانت الزيادة مشروطة في القرض ، فأما إذا كانت غير مشروطة فيه ولكن المستقرض أعطاه أجودهما ; فلا بأس بذلك ; لأن الربا اسم لزيادة مشروطة في العقد ، ولم توجد ، بل هذا من باب حسن القضاء ، وأنه أمر مندوب إليه قال النبي - عليه السلام - { : خيار الناس أحسنهم قضاء } .

                                                                                                                                { وقال النبي عليه الصلاة والسلام - عند قضاء دين لزمه - للوازن : زن ، وأرجح } .

                                                                                                                                وعلى هذا تخرج مسألة السفاتج ، التي يتعامل بها التجار ، أنها مكروهة ; لأن التاجر ينتفع بها بإسقاط خطر الطريق ; فتشبه قرضا جر نفعا فإن قيل : أليس أنه روي عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان يستقرض بالمدينة على أن يرد بالكوفة ، وهذا انتفاع بالقرض بإسقاط [ ص: 396 ] خطر الطريق ؟ فالجواب : أن ذلك محمول على أن السفتجة لم تكن مشروطة في القرض مطلقا ، ثم تكون السفتجة ، وذلك مما لا بأس به على ما بينا ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية