[ ص: 572 ]
ثم دخلت سنة ثماني عشرة ومائتين
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33763_33799المحنة بالقرآن المجيد
وفي هذه السنة كتب
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون إلى
إسحاق بن إبراهيم ببغداذ في امتحان القضاة والشهود والمحدثين بالقرآن ، فمن أقر أنه مخلوق محدث خلى سبيله ، ومن أبى أعلمه به ليأمره فيه برأيه ، وطول كتابه بإقامة الدليل على خلق القرآن ، وترك الاستعانة بمن امتنع عن القول بذلك ، وكان الكتاب في ربيع الأول ، وأمره بإنفاذ سبعة نفر ، منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=16965محمد بن سعد كاتب الواقدي ،
وأبو مسلم مستملي يزيد بن هارون ،
nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين ،
nindex.php?page=showalam&ids=11997وأبو خيثمة زهير بن حرب ،
وإسماعيل بن داود ، (
وإسماعيل ) بن أبي مسعود ،
وأحمد بن الدورقي ، فأشخصوا إليه ، فسألهم وامتحنهم عن القرآن ، فأجابوا جميعا : إن القرآن مخلوق . فأعادهم إلى
بغداذ ، فأحضرهم
إسحاق بن إبراهيم داره ، وشهر قولهم بحضرة المشايخ من أهل الحديث ، فأقروا بذلك ، فخلى سبيلهم .
وورد كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون بعد ذلك إلى
إسحاق بن إبراهيم بامتحان القضاة والفقهاء ، فأحضر
إسحاق بن إبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=11981أبا حسان الزيادي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15536وبشر بن الوليد الكندي ،
وعلي بن أبي مقاتل ،
والفضل بن غانم ،
والذيال بن الهيثم ،
وسجادة ،
والقواريري ، و
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ،
وقتيبة ،
وسعدويه الواسطي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16598وعلي بن جعد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12410وإسحاق بن أبي إسرائيل ،
وابن الهرش ،
nindex.php?page=showalam&ids=13382وابن علية الأكبر ،
ويحيى بن عبد الرحمن العمري ، وشيخا آخر من ولد
[ ص: 573 ] nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب كان قاضي
الرقة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12175وأبا نصر التمار ،
وأبا معمر القطيعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14529ومحمد بن حاتم بن ميمون ،
ومحمد بن نوح المضروب ،
وابن الفرخان ، ( وجماعة ، منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=15409النضر بن شميل ،
وابن علي بن عاصم ،
وأبو العوام البزاز ،
وابن شجاع ،
وعبد الرحمن بن إسحاق ) ، فأدخلوا جميعا على
إسحاق ، فقرأ عليهم كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون مرتين حتى فهموه ، ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=15536لبشر بن الوليد : ما تقول في القرآن ؟ فقال : قد عرفت مقالتي أمير المؤمنين غير مرة . قال : فقد تجدد من كتاب أمير المؤمنين ما ترى .
فقال : أقول : القرآن كلام الله .
قال : لم أسألك عن هذا ، أمخلوق هو ؟
قال : الله خالق كل شيء .
( قال : فالقرآن شيء ) ؟
قال : نعم .
قال : فمخلوق هو ؟
قال : ليس بخالق .
قال : ( ليس [ أسألك ] عن هذا ) أمخلوق هو ؟
قال : ما أحسن غير ما قلت لك ، ( وقد استعهدت أمير المؤمنين ألا أتكلم فيه ، وليس عندي غير ما قلت لك ) .
فأخذ
إسحاق رقعة ، فقرأها عليه ووقفه عليها ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، أحدا فردا ، لم يكن قبله شيء [ ولا بعده شيء ] ، ولا يشبهه شيء من خلقه في معنى من المعاني ، ووجه من الوجوه . قال : نعم .
وقال للكاتب : اكتب ما قال .
ثم قال
لعلي بن أبي مقاتل : ما تقول ؟ قال : قد سمعت كلامي لأمير المؤمنين في هذا غير مرة ، وما عندي غيره . فامتحنه بالرقعة ، فأقر بما فيها ، ثم قال له : القرآن مخلوق ؟ قال : القرآن كلام الله . قال : لم أسألك عن هذا . قال : القرآن كلام الله ، فإن
[ ص: 574 ] أمرنا أمير المؤمنين بشيء سمعنا وأطعنا . فقال للكاتب : اكتب مقالته .
ثم قال
للذيال نحوا من مقالته
لعلي بن أبي مقاتل ، فقال مثل ذلك .
ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=11981لأبي حسان الزيادي : ما عندك ؟ قال : سل عما شئت . فقرأ عليه الرقعة فأقر بما فيها ، ثم قال : ومن لم يقل هذا القول فهو كافر . فقال : القرآن مخلوق هو ؟ قال : القرآن كلام الله ، والله خالق كل شيء ، وأمير المؤمنين إمامنا وبه سمعنا عامة العلم ، وقد سمع ما لم نسمع ، وعلم ما لم نعلم ، وقد قلده الله أمرنا ، فصار يقيم حجنا وصلاتنا ، ونؤدي إليه زكاة أموالنا ، ونجاهد معه ، ونرى إمامته ، فإن أمرنا ائتمرنا ، وإن نهانا انتهينا .
قال : فالقرآن مخلوق ؟ فأعاد مقالته . قال
إسحاق : فإن هذه مقالة أمير المؤمنين . قال : قد تكون مقالته ولا يأمر بها الناس ، وإن خبرتني أن أمير المؤمنين أمرك أن أقول قلت ما أمرتني به ، فإنك الثقة فيما أبلغتني عنه . قال : ما أمرني أن أبلغك شيئا . قال
أبو حسان : وما عندي إلا السمع والطاعة ، فأمرني أأتمر . قال : ما أمرني أن آمركم ، وإنما أمرني أن أمتحنكم .
ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد بن حنبل : ما تقول في القرآن ؟ قال : كلام الله . قال : أمخلوق هو ؟ قال : كلام الله ما أزيد عليها .
[ ص: 575 ] فامتحنه بما في الرقعة ، فلما أتى إلى "
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء " [ قرأ ] :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11وهو السميع البصير ، وأمسك عن : ولا يشبهه شيء من خلقه في معنى من المعاني ولا وجه من الوجوه ، فاعترض عليه
ابن البكاء الأصغر فقال : أصلحك الله ! إنه يقول : سميع من أذن ، وبصير من عين . فقال
إسحاق لأحمد : ما معنى قولك : سميع بصير ؟ قال : هو كما وصف نفسه . ( قال : فما معناه ؟ قال : لا أدري أهو هو كما وصف نفسه ) .
ثم دعا بهم رجلا رجلا كلهم يقول القرآن كلام الله ، إلا
قتيبة ،
وعبيد الله بن محمد بن الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13382وابن علية الأكبر ،
وابن البكاء ،
وعبد المنعم بن إدريس ( ابن بنت ، وهب بن منبه ،
والمظفر بن مرجى ،
ورجلا من ولد عمر بن الخطاب قاضي الرقة ،
وابن الأحمر ، فأما
ابن البكاء الأكبر ، فإنه قال : القرآن مجعول ; لقول الله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إنا جعلناه قرآنا عربيا والقرآن محدث ; لقوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث .
قال
إسحاق : فالمجعول مخلوق . ( قال : نعم . قال : والقرآن مخلوق ؟ قال : لا أقول : مخلوق ، ولكنه مجعول . فكتب مقالته ومقالات القوم رجلا رجلا ، ووجهت إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون ، فأجاب
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون يذمهم ويذكر كلا منهم ، ويعيبه ويقع فيه بشيء ، وأمره أن يحضر
nindex.php?page=showalam&ids=15535بشر بن الوليد nindex.php?page=showalam&ids=12367وإبراهيم بن المهدي ، ويمتحنهما ، فإن أجابا ، وإلا فاضرب أعناقهما ، وأما من سواهما ، فإن أجاب إلى القول بخلق القرآن ، وإلا حملهم موثقين بالحديد إلى عسكره مع نفر يحفظونهم .
[ ص: 576 ] فأحضرهم
إسحاق ، وأعلمهم بما أمر به
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون ، فأجاب القوم أجمعون إلا أربعة نفر ، وهم :
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ،
وسجادة ،
والقواريري ،
ومحمد بن نوح المضروب ، فأمر بهم
إسحاق فشدوا في الحديد ، فلما كان الغد دعاهم في الحديد ، فأعاد عليهم المحنة ، فأجابه
سجادة والقواريري ، فأطلقهما ، وأصر
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ،
ومحمد بن نوح على قولهما ، فشدا في الحديد ، ووجها إلى
طرسوس ، وكتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون بتأويل القوم فيما أجابوا إليه ، فأجابه
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون : إنني بلغني عن
nindex.php?page=showalam&ids=15535بشر بن الوليد بتأويل الآية التي أنزلها الله - تعالى - في
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ، وقد أخطأ التأويل ، إنما عنى الله - سبحانه وتعالى - بهذه الآية من كان معتقدا للإيمان ، مظهرا للشرك ، فأما من كان معتقدا للشرك ، مظهرا للإيمان ، فليس هذا له .
فأشخصهم جميعا إلى
طرسوس ليقيموا بها إلى أن يخرج أمير المؤمنين من بلاد الروم ، فأحضرهم
إسحاق ، وسيرهم جميعا إلى العسكر ، وهم :
nindex.php?page=showalam&ids=11981أبو حسان الزيادي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15536وبشر بن الوليد ،
والفضل بن غانم ،
وعلي بن مقاتل ،
والذيال بن الهيثم ،
ويحيى بن عبد الرحمن العمري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16598وعلي بن الجعد ،
وأبو العوام ،
وسجادة ،
والقواريري ، (
وابن الحسن بن ) علي بن عاصم ، nindex.php?page=showalam&ids=12410وإسحاق بن أبي إسرائيل ،
nindex.php?page=showalam&ids=15409والنضر بن شميل ،
nindex.php?page=showalam&ids=12175وأبو نصر التمار ،
وسعدويه الواسطي ، nindex.php?page=showalam&ids=14529ومحمد بن حاتم بن ميمون ،
وأبو معمر بن الهرش ،
وابن الفرخان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16974وأحمد بن شجاع ،
وأبو هارون بن البكاء ، فلما صاروا إلى
الرقة بلغهم موت
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون فرجعوا ( إلى
بغداذ ) .
[ ص: 572 ]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33763_33799الْمِحْنَةِ بِالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَتَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=15128الْمَأْمُونُ إِلَى
إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بِبَغْدَاذَ فِي امْتِحَانِ الْقُضَاةِ وَالشُّهُودِ وَالْمُحَدِّثِينَ بِالْقُرْآنِ ، فَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مُحْدَثٌ خَلَّى سَبِيلَهُ ، وَمَنْ أَبَى أَعْلَمَهُ بِهِ لِيَأْمُرَهُ فِيهِ بِرَأْيِهِ ، وَطَوَّلَ كِتَابَهُ بِإِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى خَلْقِ الْقُرْآنِ ، وَتَرْكِ الِاسْتِعَانَةِ بِمَنِ امْتَنَعَ عَنِ الْقَوْلِ بِذَلِكَ ، وَكَانَ الْكِتَابُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ، وَأَمَرَهُ بِإِنْفَاذِ سَبْعَةِ نَفَرٍ ، مِنْهُمْ :
nindex.php?page=showalam&ids=16965مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ كَاتِبُ الْوَاقِدِيِّ ،
وَأَبُو مُسْلِمٍ مُسْتَمْلِي يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17336وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11997وَأَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ،
وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ ، (
وَإِسْمَاعِيلُ ) بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ ،
وَأَحْمَدُ بْنُ الدَّوْرَقِيُّ ، فَأُشْخِصُوا إِلَيْهِ ، فَسَأَلَهُمْ وَامْتَحَنَهُمْ عَنِ الْقُرْآنِ ، فَأَجَابُوا جَمِيعًا : إِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ . فَأَعَادَهُمْ إِلَى
بَغْدَاذَ ، فَأَحْضَرَهُمْ
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دَارَهُ ، وَشَهَرَ قَوْلَهُمْ بِحَضْرَةِ الْمَشَايِخِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، فَأَقَرُّوا بِذَلِكَ ، فَخَلَّى سَبِيلَهُمْ .
وَوَرَدَ كِتَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=15128الْمَأْمُونِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى
إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بِامْتِحَانِ الْقُضَاةِ وَالْفُقَهَاءِ ، فَأَحْضَرَ
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ nindex.php?page=showalam&ids=11981أَبَا حَسَّانَ الزِّيَادِيَّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15536وَبِشْرَ بْنَ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيَّ ،
وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي مُقَاتِلٍ ،
وَالْفَضْلَ بْنَ غَانِمٍ ،
وَالذَّيَّالَ بْنَ الْهَيْثَمِ ،
وَسَجَّادَةَ ،
وَالْقَوَارِيرِيَّ ، وَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ،
وَقُتَيْبَةَ ،
وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيَّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16598وَعَلِيَّ بْنَ جَعْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12410وَإِسْحَاقَ بْنَ أَبِي إِسْرَائِيلَ ،
وَابْنَ الْهَرْشِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13382وَابْنَ عُلَيَّةَ الْأَكْبَرَ ،
وَيَحْيَى بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُمَرِيَّ ، وَشَيْخًا آخَرَ مِنْ وَلَدِ
[ ص: 573 ] nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَ قَاضِيَ
الرَّقَّةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12175وَأَبَا نَصْرٍ التَّمَّارَ ،
وَأَبَا مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيَّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14529وَمُحَمَّدَ بْنَ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ ،
وَمُحَمَّدَ بْنَ نُوحٍ الْمَضْرُوبَ ،
وَابْنَ الْفَرُّخَانِ ، ( وَجَمَاعَةً ، مِنْهُمُ :
nindex.php?page=showalam&ids=15409النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ،
وَابْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ ،
وَأَبُو الْعَوَّامِ الْبَزَّازُ ،
وَابْنُ شُجَاعٍ ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ ) ، فَأُدْخِلُوا جَمِيعًا عَلَى
إِسْحَاقَ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ
nindex.php?page=showalam&ids=15128الْمَأْمُونِ مَرَّتَيْنِ حَتَّى فَهِمُوهُ ، ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15536لِبِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ : مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ ؟ فَقَالَ : قَدْ عَرَّفْتُ مَقَالَتِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرَ مَرَّةٍ . قَالَ : فَقَدْ تَجَدَّدَ مِنْ كِتَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَرَى .
فَقَالَ : أَقُولُ : الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ .
قَالَ : لَمْ أَسْأَلْكَ عَنْ هَذَا ، أَمَخْلُوقٌ هُوَ ؟
قَالَ : اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ .
( قَالَ : فَالْقُرْآنُ شَيْءٌ ) ؟
قَالَ : نَعَمْ .
قَالَ : فَمَخْلُوقٌ هُوَ ؟
قَالَ : لَيْسَ بِخَالِقٍ .
قَالَ : ( لَيْسَ [ أَسْأَلُكَ ] عَنْ هَذَا ) أَمَخْلُوقٌ هُوَ ؟
قَالَ : مَا أُحْسِنُ غَيْرَ مَا قُلْتُ لَكَ ، ( وَقَدِ اسْتَعْهَدْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَّا أَتَكَلَّمَ فِيهِ ، وَلَيْسَ عِنْدِي غَيْرُ مَا قُلْتُ لَكَ ) .
فَأَخَذَ
إِسْحَاقُ رُقْعَةً ، فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ وَوَقَفَهُ عَلَيْهَا ، فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَحَدًا فَرْدًا ، لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ شَيْءٌ [ وَلَا بَعْدَهُ شَيْءٌ ] ، وَلَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ فِي مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي ، وَوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ . قَالَ : نَعَمْ .
وَقَالَ لِلْكَاتِبِ : اكْتُبْ مَا قَالَ .
ثُمَّ قَالَ
لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي مُقَاتِلٍ : مَا تَقُولُ ؟ قَالَ : قَدْ سَمِعْتَ كَلَامِي لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذَا غَيْرَ مَرَّةٍ ، وَمَا عِنْدِي غَيْرُهُ . فَامْتَحَنَهُ بِالرُّقْعَةِ ، فَأَقَرَّ بِمَا فِيهَا ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ؟ قَالَ : الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ . قَالَ : لَمْ أَسْأَلْكَ عَنْ هَذَا . قَالَ : الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ ، فَإِنْ
[ ص: 574 ] أَمَرَنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِشَيْءٍ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا . فَقَالَ لِلْكَاتِبِ : اكْتُبْ مَقَالَتَهُ .
ثُمَّ قَالَ
لِلذَّيَّالِ نَحْوًا مِنْ مَقَالَتِهِ
لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي مُقَاتِلٍ ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ .
ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11981لِأَبِي حَسَّانَ الزِّيَادِيِّ : مَا عِنْدَكَ ؟ قَالَ : سَلْ عَمَّا شِئْتَ . فَقَرَأَ عَلَيْهِ الرُّقْعَةَ فَأَقَرَّ بِمَا فِيهَا ، ثُمَّ قَالَ : وَمَنْ لَمْ يَقُلْ هَذَا الْقَوْلَ فَهُوَ كَافِرٌ . فَقَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ هُوَ ؟ قَالَ : الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ ، وَاللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِمَامُنَا وَبِهِ سَمِعْنَا عَامَّةَ الْعِلْمِ ، وَقَدْ سَمِعَ مَا لَمْ نَسْمَعْ ، وَعَلِمَ مَا لَمْ نَعْلَمْ ، وَقَدْ قَلَّدَهُ اللَّهُ أَمْرَنَا ، فَصَارَ يُقِيمُ حَجَّنَا وَصَلَاتَنَا ، وَنُؤَدِّي إِلَيْهِ زَكَاةَ أَمْوَالِنَا ، وَنُجَاهِدُ مَعَهُ ، وَنَرَى إِمَامَتَهُ ، فَإِنْ أَمَرَنَا ائْتَمَرْنَا ، وَإِنْ نَهَانَا انْتَهَيْنَا .
قَالَ : فَالْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ؟ فَأَعَادَ مَقَالَتَهُ . قَالَ
إِسْحَاقُ : فَإِنَّ هَذِهِ مَقَالَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ . قَالَ : قَدْ تَكُونُ مَقَالَتَهُ وَلَا يَأْمُرُ بِهَا النَّاسَ ، وَإِنْ خَبَّرْتَنِي أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَكَ أَنْ أَقُولَ قَلْتُ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ ، فَإِنَّكَ الثِّقَةُ فِيمَا أَبْلَغْتَنِي عَنْهُ . قَالَ : مَا أَمَرَنِي أَنْ أُبَلِّغَكَ شَيْئًا . قَالَ
أَبُو حَسَّانَ : وَمَا عِنْدِي إِلَّا السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ ، فَأْمُرْنِي أَأْتَمِرْ . قَالَ : مَا أَمَرَنِي أَنْ آمُرَكُمْ ، وَإِنَّمَا أَمَرَنِي أَنْ أَمْتَحِنَكُمْ .
ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ ؟ قَالَ : كَلَامُ اللَّهِ . قَالَ : أَمَخْلُوقٌ هُوَ ؟ قَالَ : كَلَامُ اللَّهِ مَا أَزِيدُ عَلَيْهَا .
[ ص: 575 ] فَامْتَحَنَهُ بِمَا فِي الرُّقْعَةِ ، فَلَمَّا أَتَى إِلَى "
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " [ قَرَأَ ] :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، وَأَمْسَكَ عَنْ : وَلَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ فِي مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي وَلَا وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ ، فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ
ابْنُ الْبَكَّاءِ الْأَصْغَرُ فَقَالَ : أَصْلَحَكَ اللَّهُ ! إِنَّهُ يَقُولُ : سَمِيعٌ مِنْ أُذُنٍ ، وَبَصِيرٌ مِنْ عَيْنٍ . فَقَالَ
إِسْحَاقُ لِأَحْمَدَ : مَا مَعْنَى قَوْلِكَ : سَمِيعٌ بَصِيرٌ ؟ قَالَ : هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ . ( قَالَ : فَمَا مَعْنَاهُ ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي أَهْوَ هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ ) .
ثُمَّ دَعَا بِهِمْ رَجُلًا رَجُلًا كُلُّهُمْ يَقُولُ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ ، إِلَّا
قُتَيْبَةَ ،
وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13382وَابْنَ عُلَيَّةَ الْأَكْبَرَ ،
وَابْنَ الْبَكَّاءِ ،
وَعَبْدَ الْمُنْعِمِ بْنَ إِدْرِيسَ ( ابْنَ بِنْتِ ، وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ،
وَالْمُظَفَّرَ بْنَ مُرَجَّى ،
وَرَجُلًا مِنْ وَلَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَاضِي الرَّقَّةِ ،
وَابْنَ الْأَحْمَرِ ، فَأَمَّا
ابْنُ الْبَكَّاءِ الْأَكْبَرُ ، فَإِنَّهُ قَالَ : الْقُرْآنُ مَجْعُولٌ ; لِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَالْقُرْآنُ مُحْدَثٌ ; لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ .
قَالَ
إِسْحَاقُ : فَالْمَجْعُولُ مَخْلُوقٌ . ( قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : وَالْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ؟ قَالَ : لَا أَقُولُ : مَخْلُوقٌ ، وَلَكِنَّهُ مَجْعُولٌ . فَكَتَبَ مَقَالَتَهُ وَمَقَالَاتِ الْقَوْمِ رَجُلًا رَجُلًا ، وَوُجِّهَتْ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=15128الْمَأْمُونِ ، فَأَجَابَ
nindex.php?page=showalam&ids=15128الْمَأْمُونُ يَذُمُّهُمْ وَيَذْكُرُ كُلًّا مِنْهُمْ ، وَيَعِيبُهُ وَيَقَعُ فِيهِ بِشَيْءٍ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُحْضِرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15535بِشْرَ بْنَ الْوَلِيدِ nindex.php?page=showalam&ids=12367وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ الْمَهْدِيِّ ، وَيَمْتَحِنَهُمَا ، فَإِنْ أَجَابَا ، وَإِلَّا فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمَا ، وَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمَا ، فَإِنْ أَجَابَ إِلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ ، وَإِلَّا حَمَلَهُمْ مُوَثَّقِينَ بِالْحَدِيدِ إِلَى عَسْكَرِهِ مَعَ نَفَرٍ يَحْفَظُونَهُمْ .
[ ص: 576 ] فَأَحْضَرَهُمْ
إِسْحَاقُ ، وَأَعْلَمَهُمْ بِمَا أَمَرَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15128الْمَأْمُونُ ، فَأَجَابَ الْقَوْمُ أَجْمَعُونَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ ، وَهُمْ :
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ،
وَسَجَّادَةُ ،
وَالْقَوَارِيرِيُّ ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ الْمَضْرُوبُ ، فَأَمَرَ بِهِمْ
إِسْحَاقُ فَشُدُّوا فِي الْحَدِيدِ ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ دَعَاهُمْ فِي الْحَدِيدِ ، فَأَعَادَ عَلَيْهِمُ الْمِحْنَةَ ، فَأَجَابَهُ
سَجَّادَةُ وَالْقَوَارِيرِيُّ ، فَأَطْلَقَهُمَا ، وَأَصَرَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ عَلَى قَوْلِهِمَا ، فَشُدَّا فِي الْحَدِيدِ ، وَوُجِّهَا إِلَى
طَرَسُوسَ ، وَكَتَبَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=15128الْمَأْمُونِ بِتَأْوِيلِ الْقَوْمِ فِيمَا أَجَابُوا إِلَيْهِ ، فَأَجَابَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15128الْمَأْمُونُ : إِنَّنِي بَلَغَنِي عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15535بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ - تَعَالَى - فِي
nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ، وَقَدْ أَخْطَأَ التَّأْوِيلَ ، إِنَّمَا عَنَى اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ كَانَ مُعْتَقِدًا لِلْإِيمَانِ ، مُظْهِرًا لِلشِّرْكِ ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ مُعْتَقِدًا لِلشِّرْكِ ، مُظْهِرًا لِلْإِيمَانِ ، فَلَيْسَ هَذَا لَهُ .
فَأَشْخَصَهُمْ جَمِيعًا إِلَى
طَرَسُوسَ لِيُقِيمُوا بِهَا إِلَى أَنْ يَخْرُجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ ، فَأَحْضَرَهُمْ
إِسْحَاقُ ، وَسَيَّرَهُمْ جَمِيعًا إِلَى الْعَسْكَرِ ، وَهُمْ :
nindex.php?page=showalam&ids=11981أَبُو حَسَّانَ الزِّيَادِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15536وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ ،
وَالْفَضْلُ بْنُ غَانِمٍ ،
وَعَلِيُّ بْنُ مُقَاتِلٍ ،
وَالذَّيَّالُ بْنُ الْهَيْثَمِ ،
وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُمَرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16598وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ،
وَأَبُو الْعَوَّامِ ،
وَسَجَّادَةُ ،
وَالْقَوَارِيرِيُّ ، (
وَابْنُ الْحَسَنِ بْنِ ) عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=12410وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15409وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12175وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ ،
وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيُّ ، nindex.php?page=showalam&ids=14529وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ ،
وَأَبُو مَعْمَرِ بْنُ الْهَرْشِ ،
وَابْنُ الْفَرُّخَانِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16974وَأَحْمَدُ بْنُ شُجَاعٍ ،
وَأَبُو هَارُونَ بْنُ الْبَكَّاءِ ، فَلَمَّا صَارُوا إِلَى
الرَّقَّةِ بَلَغَهُمْ مَوْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=15128الْمَأْمُونِ فَرَجَعُوا ( إِلَى
بَغْدَاذَ ) .