ذكر قتل  ماكان بن كالي  ، واستيلاء  أبي علي بن محتاج  على الري   
قد ذكرنا مسير  أبي علي بن محمد بن المظفر بن محتاج  إلى جرجان  ، وإخراج  ماكان  عنها ، فلما سار عنها  ماكان  ، قصد طبرستان  وأقام بها ، وأقام  أبو علي  بجرجان  يصلح أمرها ، ثم استخلف عليها  إبراهيم بن سيمجور الدواتي  ، وسار نحو الري  في المحرم من هذه السنة ، فوصلها في ربيع الأول ، وبها  وشمكير بن زيار  أخو   مرداويج     . 
وكان  عماد الدولة  وركن الدولة ابنا بويه  يكاتبان  أبا علي  ، ويحثانه على قصد  وشمكير  ، ويعدانه المساعدة ، وكان قصدهما أن تؤخذ الري  من  وشمكير  ، فإذا أخذها  أبو علي  ، لا يمكنه المقام بها لسعة ولايته بخراسان  ، فيغلبان عليها . 
وبلغ أمر اتفاقهم إلى  وشمكير     . وكاتب  ماكان بن كالي  يستخدمه ويعرفه الحال ، فسار  ماكان بن كالي  من طبرستان  إلى الري  ، وسار  أبو علي  وأتاه عسكر  ركن الدولة بن بويه  ، فاجتمعوا معه بإسحاقاباذ  ، والتقوا هم  ووشمكير  ، ووقف  ماكان بن كالي  في القلب وباشر الحرب بنفسه ، وعبأ  أبو علي  أصحابه كراديس ، وأمر من بإزاء القلب أن يلحوا عليهم في القتال ، ثم يتطاردوا لهم ويستجروهم ، ثم وصى من بإزاء الميمنة والميسرة أن يناوشوهم مناوشة بمقدار ما يشغلونهم عن مساعدة من في القلب ، ولا يناجزوهم ، ففعلوا ذلك . 
وألح أصحابه على قلب  وشمكير  بالحرب ، ثم تطاردوا لهم ، فطمع فيهم  ماكان  ومن معه ، فتبعوهم وفارقوا مواقفهم ، فحينئذ أمر  أبو علي  الكراديس  التي بإزاء الميمنة والميسرة أن يتقدم بعضهم ، ويأتي من في قلب  وشمكير  من ورائهم ، ففعلوا ذلك ، فلما رأى  أبو علي  أصحابه قد أقبلوا من وراء  ماكان  ومن معه من أصحابه ، أمر المتطاردين   [ ص: 93 ] بالعود والحملة على  ماكان  وأصحابه ، وكانت نفوسهم قد قويت بأصحابهم ، فرجعوا وحملوا على أولئك ، وأخذهم السيف من بين أيديهم ومن خلفهم ، فولوا منهزمين . 
فلما رأى  ماكان  ذلك ، ترجل وأبلى بلاء حسنا ، وظهرت منه شجاعة لم ير الناس مثلها ، فأتاه سهم غرب ، فوقع في جبينه ، فنفذ في الخوذة والرأس حتى طلع من قفاه وسقط ميتا ، وهرب  وشمكير  ومن سلم معه إلى طبرستان  ، فأقام بها ، واستولى  أبو علي  على الري  ، وأنفذ رأس  ماكان  إلى بخارى  والسهم فيه ، ولم يحمل إلى بغداذ  حتى قتل  بجكم     ; لأن  بجكم  كان من أصحابه ، وجلس للعزاء لما قتل ، فلما قتل  بجكم  ، حمل الرأس من بخارى  إلى بغداذ  والسهم فيه وفي الخوذة ، وأنفذ  أبو علي  الأسرى إلى بخارى  أيضا ، وكانوا بها حتى دخل  وشمكير  في طاعة آل سامان  ، وسار إلى خراسان  فاستوهبهم ، فأطلقوا له على ما نذكره سنة ثلاثين [ وثلاثمائة ] . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					