[ ص: 208 ] 343
ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة
ذكر أبي علي بن محتاج حال
قد ذكرنا من أخبار أبي علي ما تقدم ، فلما كتب إلى ركن الدولة يستأذنه في المصير إليه ، أذن له ، فسار إلى الري ، فلقيه ركن الدولة وأكرمه ، وأقام الأتراك الضيافة له ولمن معه ، وطلب أبو علي أن يكتب له عهدا من جهة الخليفة بولاية خراسان ، فأرسل ركن الدولة إلى معز الدولة في ذلك ، فسير له عهدا بما طلب ، وسير له نجدة من عسكره ، فسار أبو علي إلى خراسان ( واستولى على نيسابور ، وخطب للمطيع بها وبما استولى عليه من خراسان ) ، ولم يكن يخطب له بها قبل ذلك .
ثم إن نوحا مات في خلال ذلك ، وتولى بعده ولده عبد الملك ، فلما استقر أمره ، سير بكر بن مالك إلى خراسان من بخارى ، وجعله مقدما على جيوشها ، وأمره بإخراج أبي علي من خراسان ، فسار في العساكر نحو أبي علي ، فتفرق عن أبي علي أصحابه وعسكره ، وبقي معه من أصحابه مائتا رجل سوى من كان عنده من الديلم نجدة له ، فاضطر إلى الهرب ، فسار نحو ركن الدولة ، فأنزله معه في الري ، واستولى ابن مالك على خراسان ، فأقام بنيسابور وتتبع أصحاب أبي علي .
ذكر نوح بن نصر ، وولاية ابنه عبد الملك . موت الأمير
وفي هذه السنة مات الأمير في ربيع الآخر ، وكان يلقب [ ص: 209 ] نوح بن نصر الساماني بالأمير الحميد ، وكان حسن السيرة ، كريم الأخلاق ، ولما توفي ، ملك بعده ابنه عبد الملك ، ( وكان قد استعمل بكر بن مالك على جيوش خراسان ، كما ذكرنا ، فمات قبل أن يسير بكر إلى خراسان ، فقام بكر بأمر عبد الملك ) بن نوح ، وقرر أمره ، فلما استقر حاله وثبت ملكه ، أمر بكرا بالمسير إلى خراسان ، فسار إليها ، وكان من أمره مع أبي علي ما قدمنا ذكره .
ذكر لسيف الدولة بن حمدان غزاة
في هذه السنة في شهر ربيع الأول ، غزا بلاد سيف الدولة بن حمدان الروم ، فقتل وأسر ، وسبى وغنم ، وكان فيمن قتل قسطنطين بن الدمستق ، فعظم الأمر على الروم ، وعظم الأمر على الدمستق ، فجمع عساكره من الروم والروس والبلغار وغيرهم وقصد الثغور ، فسار إليه ، فالتقوا عند سيف الدولة بن حمدان الحدث في شعبان ، فاشتد القتال بينهم وصبر الفريقان ، ثم إن الله - تعالى - نصر المسلمين ، فانهزم الروم ، وقتل منهم وممن معهم خلق عظيم ، وأسر صهر الدمستق وابن ابنته وكثير من بطارقته ، وعاد الدمستق مهزوما مسلولا .
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة كان بخراسان والجبال وباء عظيم ، هلك فيه خلق كثير لا يحصون كثرة .
وفيها صرف الأبرعاجي عن شرطة بغداذ ، وصودر على ثلاثمائة ألف درهم ، ورتب مكانه بكبيك نقيب الأتراك .
وفيها سار ركن الدولة إلى جرجان ومعه أبو علي بن محتاج ، فدخلها بغير حرب ، وانصرف وشمكير عنها إلى خراسان .
[ ص: 210 ] وفيها وقعت الحرب بمكة بين أصحاب معز الدولة وأصحاب ابن طغج من المصريين ، فكانت الغلبة لأصحاب معز الدولة ، فخطب بمكة والحجاز لركن الدولة ومعز الدولة وولده عز الدولة بختيار ، وبعدهم لابن طغج .
وفيها أرسل معز الدولة سبكتكين في جيش إلى شهرزور في رجب ، ومعه المنجنيقات لفتحها ، فسار إليها وأقام بتلك الولاية إلى المحرم من سنة أربع وأربعين وثلاثمائة ، فعاد ولم يمكنه فتحها ; لأنه اتصل به خروج عساكر خراسان إلى الري على ما نذكره إن شاء الله - تعالى ، فعاد إلى بغداذ ، فدخلها في المحرم .
[ الوفيات ]
وفيها في شوال ، مات ( أبو ) الحسين محمد بن العباس بن الوليد المعروف بابن النحوي الفقيه . وفيها في شوال أيضا ، ( مات ) أبو جعفر محمد بن القاسم الكرخي .