[ ص: 298 ] 360
ثم دخلت سنة ستين وثلاثمائة
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33800عصيان أهل كرمان على عضد الدولة
لما ملك
عضد الدولة كرمان ، كما ذكرناه ، اجتمع
القفص والبلوص ، وفيهم
أبو سعيد البلوصي وأولاده ، على كلمة واحدة في الخلاف ، وتحالفوا على الثبات والاجتهاد ، فضم
عضد الدولة إلى
كوركير بن جستان عابد بن علي فسارا إلى
جيرفت فيمن معهما من العساكر ، فالتقوا عاشر صفر ، فاقتتلوا ، وصبر الفريقان ثم انهزم
القفص ومن معهم ، فقتل منهم خمسة آلاف من شجعانهم ووجوههم ، وقتل ابنان
لأبي سعيد .
ثم سار عابد بن علي يقص آثارهم ليستأصلهم ، فأوقع بهم عدة وقائع ، وأثخن فيهم ، وانتهى إلى
هرموز فملكها ، واستولى على بلاد
التيز ومكران ، وأسر ألفي أسير ، وطلب الباقون الأمان ، وبذلوا تسليم معاقلهم وجبالهم ، على أن يدخلوا في السلم ، وينزعوا شعار الحرب ، ويقيموا حدود الإسلام من الصلاة والزكاة والصوم .
ثم سار عابد إلى طوائف أخر يعرفون
بالحرومية والحاسكية يخيفون السبيل في البحر والبر ، وكانوا قد أعانوا
سليمان بن أبي علي بن إلياس ، وقد تقدم ذكرهم ، فأوقع بهم ، وقتل كثيرا منهم ، وأنقذهم إلى
عضد الدولة ، فاستقامت تلك الأرض مدة من الزمان .
[ ص: 299 ] ثم لم يلبث
البلوص أن عادوا إلى ما كانوا عليه من سفك الدم وقطع الطريق ، فلما فعلوا ذلك تجهز
عضد الدولة وسار إلى
كرمان في ذي القعدة ، فلما وصل إلى
السيرجان رأى فسادهم وما فعلوه من قطع الطريق
بكرمان وسجستان وخراسان ، فجرد
عابد بن علي في عسكر كثيف ، وأمره باتباعهم ، فلما أحسوا به أوغلوا في الهرب إلى مضايق ظنوا أن العسكر لا يتوغلها ، فأقاموا آمنين .
فسار في آثارهم ، فلم يشعروا إلا وقد أطل عليهم ، فلم يمكنهم الهرب ، فصبروا يومهم ، وهو تاسع ربيع الأول من سنة إحدى وستين وثلاثمائة ، ثم انهزموا آخر النهار ، وقتل أكثر رجالهم المقاتلة ، وسبي الذراري والنساء ، وبقي القليل ، وطلبوا الأمان فأجيبوا إليه ، ونقلوا عن تلك الجبال ، وأسكن
عضد الدولة مكانهم الأكرة والزراعين ، حتى طبقوا تلك الأرض بالعمل ، وتتبع عابد تلك الطوائف برا حتى أتى عليهم وبدد شملهم .
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33797ملك القرامطة دمشق
في هذه السنة ، في ذي القعدة ، وصل
القرامطة إلى
دمشق فملكوها ، وقتلوا
جعفر بن فلاح .
وسبب ذلك أنهم لما بلغهم استيلاء
جعفر بن فلاح على
الشام أهمهم وأزعجهم وقلقوا ( لأنه ) كان قد تقرر بينهم وبين
ابن طغج أن يحمل إليهم كل سنة ثلاثمائة ألف دينار ، فلما ملكها
جعفر علموا أن المال يفوتهم ، فعزموا على قصد
الشام ، وصاحبهم حينئذ
nindex.php?page=showalam&ids=14982الحسين بن أحمد بن بهرام القرمطي ، فأرسل إلى
عز الدولة بختيار يطلب منه المساعدة بالسلاح والمال ، فأجابه إلى ذلك ، واستقر الحال أنهم إذا وصلوا ( إلى
الكوفة سائرين إلى
الشام حمل الذي استقر ، فلما وصلوا " إلى
الكوفة أوصل إليهم ذلك ، وساروا إلى
دمشق .
وبلغ خبرهم إلى
جعفر بن فلاح فاستهان بهم ولم يحترز منهم ، فلم يشعر بهم حتى كبسوه بظاهر
دمشق وقتلوه وأخذوا ماله وسلاحه ودوابه ، وملكوا
دمشق ، وأمنوا أهلها ، وساروا إلى الرملة ، واستولوا على جميع ما بينهما .
[ ص: 300 ] فلما سمع من بها من المغاربة خبرهم ساروا عنها إلى
يافا فتحصنوا بها ، وملك
القرامطة الرملة ، وساروا إلى
مصر ، وتركوا على
يافا من يحصرها ، فلما وصلوا إلى
مصر اجتمع معهم خلق كثير والجند
والإخشيدية والكافورية ، فاجتمعوا
بعين شمس عند
مصر ، واجتمع عساكر
جوهر وخرجوا إليهم ، فاقتتلوا غير مرة ، الظفر في جميع تلك الأيام
للقرامطة ، وحصروا
المغاربة حصرا شديدا ، ثم إن المغاربة خرجوا في بعض الأيام من
مصر ، وحملوا على ميمنة
القرامطة ، فانهزم من بها من العرب وغيرهم ، وقصدوا سواد
القرامطة فنهبوه ، فاضطروا إلى الرحيل ، فعادوا إلى
الشام ، فنزلوا
الرملة .
ثم حصروا
يافا حصرا شديدا ، وضيقوا على من بها ، فسير
جوهر من
مصر نجدة إلى أصحابه المحصورين
بيافا ، ومعهم ميرة في خمسة عشر مركبا ، فأرسل
القرامطة مراكبهم إليها ، فأخذوا مراكب
جوهر ، ولم ينج منها غير مركبين ، فغنمها مراكب
الروم .
وللحسين بن بهرام مقدم
القرامطة شعر ، فمنه في المغاربة أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=15278المعز لدين الله :
زعمت رجال الغرب أني هبتها فدمي إذا ما بينهم مطلول يا مصر إن لم أسق أرضك من
دم يروي ثراك فلا سقاني النيل
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33800قتل محمد بن الحسين الزناتي
في هذه السنة قتل
يوسف بلكين بن زيري محمد بن الحسين بن خزر الزناتي وجماعة من أهله وبني عمه ، وكان قد عصى على
المعز لدين الله
بإفريقية ، وكثر جمعه من
زناتة والبربر ، فأهم
المعز أمره لأنه أراد الخروج إلى
مصر ، فخاف أن يخلف
محمدا في البلاد عاصيا ، وكان جبارا عاتيا طاغيا .
وأما كيفية قتله فإنه كان يشرب هو وجماعة من أهله وأصحابه ، فعلم
يوسف به ، فسار إليه جريدة متخفيا ، فلم يشعر به
محمد حتى دخل عليه ، فلما رآه
محمد قتل نفسه بسيفه ، وقتل
يوسف الباقين وأسر منهم ، فحل ذلك عند
المعز محلا عظيما ، وقعد للهناء به ثلاثة أيام .
[ ص: 301 ] ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33800عدة حوادث
في هذه السنة قبض
عضد الدولة على
كوركير بن جستان قبضا فيه إبقاء وموضع للصلح .
وفيها تزوج
nindex.php?page=showalam&ids=14858أبو تغلب بن حمدان ابنة
عز الدولة بختيار ، وعمرها ثلاث سنين ، على صداق مائة ألف دينار ، وكان الوكيل في قبول العقد
أبا الحسن ( علي بن ) عمرو بن ميمون صاحب
أبي تغلب بن حمدان ، ووقع العقد في صفر .
وفيها قتل رجلان
بمسجد دير مار ميخائيل بظاهر الموصل ، فصادر
أبو تغلب جماعة من
النصارى .
وفيها استوزر
مؤيد الدولة بن ركن الدولة أبا القاسم بن عباد ، وأصلح أموره كلها .
[
nindex.php?page=treesubj&link=33800_34064الوفيات ]
وفيها مات
nindex.php?page=showalam&ids=14687أبو القاسم سليمان بن أيوب الطبراني صاحب المعاجم الثلاثة (
بأصبهان ) وكان عمره مائة سنة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13652وأبو بكر محمد بن الحسين الآجري بمكة ، وهما من حفاظ المحدثين .
وفيها توفي
nindex.php?page=showalam&ids=14379السري بن أحمد بن السري أبو الحسن الكندي الرفا ، الشاعر الموصلي ،
ببغداد .
[ ص: 298 ] 360
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33800عِصْيَانِ أَهْلِ كَرْمَانَ عَلَى عَضُدِ الدَّوْلَةِ
لَمَّا مَلَكَ
عَضُدُ الدَّوْلَةِ كَرْمَانَ ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ ، اجْتَمَعَ
الْقُفْصُ وَالْبِلَّوْصُ ، وَفِيهِمْ
أَبُو سَعِيدٍ الْبِلَّوْصِيُّ وَأَوْلَادُهُ ، عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْخِلَافِ ، وَتَحَالَفُوا عَلَى الثَّبَاتِ وَالِاجْتِهَادِ ، فَضَمَّ
عَضُدُ الدَّوْلَةِ إِلَى
كُورْكِيرِ بْنِ جَسْتَانَ عَابِدَ بْنَ عَلِيٍّ فَسَارَا إِلَى
جِيرُفْتَ فِيمَنْ مَعَهُمَا مِنَ الْعَسَاكِرِ ، فَالْتَقَوْا عَاشِرَ صَفَرَ ، فَاقْتَتَلُوا ، وَصَبَرَ الْفَرِيقَانِ ثُمَّ انْهَزَمَ
الْقُفْصُ وَمَنْ مَعَهُمْ ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَمْسَةُ آلَافٍ مِنْ شُجْعَانِهِمْ وَوُجُوهِهِمْ ، وَقُتِلَ ابْنَانِ
لِأَبِي سَعِيدٍ .
ثُمَّ سَارَ عَابِدُ بْنُ عَلِيٍّ يَقُصُّ آثَارَهُمْ لِيَسْتَأْصِلَهُمْ ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ عِدَّةَ وَقَائِعَ ، وَأَثْخَنَ فِيهِمْ ، وَانْتَهَى إِلَى
هَرْمُوزَ فَمَلَكَهَا ، وَاسْتَوْلَى عَلَى بِلَادِ
التَّيْزِ وَمَكْرَانَ ، وَأَسَرَ أَلْفَيْ أَسِيرٍ ، وَطَلَبَ الْبَاقُونَ الْأَمَانَ ، وَبَذَلُوا تَسْلِيمَ مَعَاقِلِهِمْ وَجِبَالِهِمْ ، عَلَى أَنْ يَدْخُلُوا فِي السِّلْمِ ، وَيَنْزِعُوا شِعَارَ الْحَرْبِ ، وَيُقِيمُوا حُدُودَ الْإِسْلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ .
ثُمَّ سَارَ عَابِدٌ إِلَى طَوَائِفَ أُخَرَ يُعْرَفُونَ
بِالْحَرُومِيَّةِ وَالْحَاسِكِيَّةِ يُخِيفُونَ السَّبِيلَ فِي الْبَحْرِ وَالْبَرِّ ، وَكَانُوا قَدْ أَعَانُوا
سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ إِلْيَاسَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ ، وَقَتَلَ كَثِيرًا مِنْهُمْ ، وَأَنْقَذَهُمْ إِلَى
عَضُدِ الدَّوْلَةِ ، فَاسْتَقَامَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ مُدَّةً مِنَ الزَّمَانِ .
[ ص: 299 ] ثُمَّ لَمْ يَلْبَثِ
الْبِلَّوْصُ أَنْ عَادُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ سَفْكِ الدَّمِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ تَجَهَّزَ
عَضُدُ الدَّوْلَةِ وَسَارَ إِلَى
كَرْمَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى
السِّيرَجَانِ رَأَى فَسَادَهُمْ وَمَا فَعَلُوهُ مِنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ
بِكَرْمَانَ وَسِجِسْتَانَ وَخُرَاسَانَ ، فَجَرَّدَ
عَابِدَ بْنَ عَلِيٍّ فِي عَسْكَرٍ كَثِيفٍ ، وَأَمَرَهُ بِاتِّبَاعِهِمْ ، فَلَمَّا أَحَسُّوا بِهِ أَوْغَلُوا فِي الْهَرَبِ إِلَى مَضَايِقَ ظَنُّوا أَنَّ الْعَسْكَرَ لَا يَتَوَغَّلُهَا ، فَأَقَامُوا آمِنِينَ .
فَسَارَ فِي آثَارِهِمْ ، فَلَمْ يَشْعُرُوا إِلَّا وَقَدْ أَطَلَّ عَلَيْهِمْ ، فَلَمْ يُمْكِنْهُمُ الْهَرَبُ ، فَصَبَرُوا يَوْمَهُمْ ، وَهُوَ تَاسِعُ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ ، ثُمَّ انْهَزَمُوا آخِرَ النَّهَارِ ، وَقُتِلَ أَكْثَرُ رِجَالِهِمُ الْمُقَاتِلَةِ ، وَسُبِيَ الذَّرَارِي وَالنِّسَاءُ ، وَبَقِيَ الْقَلِيلُ ، وَطَلَبُوا الْأَمَانَ فَأُجِيبُوا إِلَيْهِ ، وَنُقِلُوا عَنْ تِلْكَ الْجِبَالِ ، وَأَسْكَنَ
عَضُدُ الدَّوْلَةِ مَكَانَهُمُ الْأَكَرَةَ وَالزَّرَّاعِينَ ، حَتَّى طَبَّقُوا تِلْكَ الْأَرْضَ بِالْعَمَلِ ، وَتَتَبَّعَ عَابِدٌ تِلْكَ الطَّوَائِفَ بَرًّا حَتَّى أَتَى عَلَيْهِمْ وَبَدَّدَ شَمْلَهُمْ .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33797مُلْكِ الْقَرَامِطَةِ دِمَشْقَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، فِي ذِي الْقَعْدَةِ ، وَصَلَ
الْقَرَامِطَةُ إِلَى
دِمَشْقَ فَمَلَكُوهَا ، وَقَتَلُوا
جَعْفَرَ بْنَ فَلَاحٍ .
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا بَلَغَهُمُ اسْتِيلَاءُ
جَعْفَرِ بْنِ فَلَاحٍ عَلَى
الشَّامِ أَهَمَّهُمْ وَأَزْعَجَهُمْ وَقَلِقُوا ( لِأَنَّهُ ) كَانَ قَدْ تَقَرَّرَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
ابْنِ طُغُجَ أَنْ يَحْمِلَ إِلَيْهِمْ كُلَّ سَنَةٍ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفَ دِينَارٍ ، فَلَمَّا مَلَكَهَا
جَعْفَرٌ عَلِمُوا أَنَّ الْمَالَ يَفُوتُهُمْ ، فَعَزَمُوا عَلَى قَصْدِ
الشَّامِ ، وَصَاحِبُهُمْ حِينَئِذٍ
nindex.php?page=showalam&ids=14982الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَهْرَامَ الْقَرْمَطِيُّ ، فَأَرْسَلَ إِلَى
عِزِّ الدَّوْلَةِ بَخْتِيَارَ يَطْلُبُ مِنْهُ الْمُسَاعَدَةَ بِالسِّلَاحِ وَالْمَالِ ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ ، وَاسْتَقَرَّ الْحَالُ أَنَّهُمْ إِذَا وَصَلُوا ( إِلَى
الْكُوفَةِ سَائِرِينَ إِلَى
الشَّامِ حُمِلَ الَّذِي اسْتَقَرَّ ، فَلَمَّا وَصَلُوا " إِلَى
الْكُوفَةِ أَوْصَلَ إِلَيْهِمْ ذَلِكَ ، وَسَارُوا إِلَى
دِمَشْقَ .
وَبَلَغَ خَبَرُهُمْ إِلَى
جَعْفَرِ بْنِ فَلَاحٍ فَاسْتَهَانَ بِهِمْ وَلَمْ يَحْتَرِزْ مِنْهُمْ ، فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِمْ حَتَّى كَبَسُوهُ بِظَاهِرِ
دِمَشْقَ وَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا مَالَهُ وَسِلَاحَهُ وَدَوَابَّهُ ، وَمَلَكُوا
دِمَشْقَ ، وَأَمَّنُوا أَهْلَهَا ، وَسَارُوا إِلَى الرَّمْلَةِ ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى جَمِيعِ مَا بَيْنَهُمَا .
[ ص: 300 ] فَلَمَّا سَمِعَ مَنْ بِهَا مِنَ الْمَغَارِبَةِ خَبَرَهُمْ سَارُوا عَنْهَا إِلَى
يَافَا فَتَحَصَّنُوا بِهَا ، وَمَلَكَ
الْقَرَامِطَةُ الرَّمْلَةَ ، وَسَارُوا إِلَى
مِصْرَ ، وَتَرَكُوا عَلَى
يَافَا مَنْ يَحْصُرُهَا ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى
مِصْرَ اجْتَمَعَ مَعَهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَالْجُنْدُ
وَالْإِخْشِيدِيَّةُ وَالْكَافُورِيَّةُ ، فَاجْتَمَعُوا
بِعَيْنِ شَمْسٍ عِنْدَ
مِصْرَ ، وَاجْتَمَعَ عَسَاكِرُ
جَوْهَرٍ وَخَرَجُوا إِلَيْهِمْ ، فَاقْتَتَلُوا غَيْرَ مَرَّةٍ ، الظَّفَرُ فِي جَمِيعِ تِلْكَ الْأَيَّامِ
لِلْقَرَامِطَةِ ، وَحَصَرُوا
الْمَغَارِبَةَ حَصْرًا شَدِيدًا ، ثُمَّ إِنَّ الْمَغَارِبَةَ خَرَجُوا فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ مِنْ
مِصْرَ ، وَحَمَلُوا عَلَى مَيْمَنَةِ
الْقَرَامِطَةِ ، فَانْهَزَمَ مَنْ بِهَا مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَصَدُوا سَوَادَ
الْقَرَامِطَةِ فَنَهَبُوهُ ، فَاضْطَرُّوا إِلَى الرَّحِيلِ ، فَعَادُوا إِلَى
الشَّامِ ، فَنَزَلُوا
الرَّمْلَةَ .
ثُمَّ حَصَرُوا
يَافَا حَصْرًا شَدِيدًا ، وَضَيَّقُوا عَلَى مَنْ بِهَا ، فَسَيَّرَ
جَوْهَرٌ مِنْ
مِصْرَ نَجْدَةً إِلَى أَصْحَابِهِ الْمَحْصُورِينَ
بِيَافَا ، وَمَعَهُمْ مِيرَةٌ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مَرْكَبًا ، فَأَرْسَلَ
الْقَرَامِطَةُ مَرَاكِبَهُمْ إِلَيْهَا ، فَأَخَذُوا مَرَاكِبَ
جَوْهَرٍ ، وَلَمْ يَنْجُ مِنْهَا غَيْرُ مَرْكَبَيْنِ ، فَغَنِمَهَا مَرَاكِبُ
الرُّومِ .
وَلِلْحُسَيْنِ بْنِ بَهْرَامَ مُقَدَّمِ
الْقَرَامِطَةِ شِعْرٌ ، فَمِنْهُ فِي الْمَغَارِبَةِ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=15278الْمُعِزِّ لِدِينِ اللَّهِ :
زَعَمَتْ رِجَالُ الْغَرْبِ أَنِّي هِبْتُهَا فَدَمِي إِذًا مَا بَيْنَهُمْ مَطْلُولُ يَا مِصْرُ إِنْ لَمْ أَسْقِ أَرْضَكِ مِنْ
دَمٍ يَرْوِي ثَرَاكِ فَلَا سَقَانِي النِّيلُ
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33800قَتْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الزَّنَاتِيِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَتَلَ
يُوسُفُ بُلُكِّينُ بْنُ زِيرِي مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ خَزَرٍ الزَّنَاتِيَّ وَجَمَاعَةً مِنْ أَهْلِهِ وَبَنِي عَمِّهِ ، وَكَانَ قَدْ عَصَى عَلَى
الْمُعِزِّ لِدِينِ اللَّهِ
بِإِفْرِيقِيَّةَ ، وَكَثُرَ جَمْعُهُ مِنْ
زَنَاتَةَ وَالْبَرْبَرِ ، فَأَهَمَّ
الْمُعِزَّ أَمْرُهُ لِأَنَّهُ أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى
مِصْرَ ، فَخَافَ أَنْ يُخَلِّفَ
مُحَمَّدًا فِي الْبِلَادِ عَاصِيًا ، وَكَانَ جَبَّارًا عَاتِيًا طَاغِيًا .
وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ قَتْلِهِ فَإِنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، فَعَلِمَ
يُوسُفُ بِهِ ، فَسَارَ إِلَيْهِ جَرِيدَةً مُتَخَفِّيًا ، فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ
مُحَمَّدٌ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا رَآهُ
مُحَمَّدٌ قَتَلَ نَفْسَهُ بِسَيْفِهِ ، وَقَتَلَ
يُوسُفُ الْبَاقِينَ وَأَسَرَ مِنْهُمْ ، فَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ
الْمُعِزِّ مَحِلًّا عَظِيمًا ، وَقَعَدَ لِلْهَنَاءِ بِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ .
[ ص: 301 ] ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33800عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَبَضَ
عَضُدُ الدَّوْلَةِ عَلَى
كُورْكِيرَ بْنِ جَسْتَانَ قَبْضًا فِيهِ إِبْقَاءٌ وَمَوْضِعٌ لِلصُّلْحِ .
وَفِيهَا تَزَوَّجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14858أَبُو تَغْلِبَ بْنُ حَمْدَانَ ابْنَةَ
عِزِّ الدَّوْلَةِ بَخْتِيَارَ ، وَعُمْرُهَا ثَلَاثُ سِنِينَ ، عَلَى صَدَاقِ مِائَةِ أَلْفَ دِينَارٍ ، وَكَانَ الْوَكِيلُ فِي قَبُولِ الْعَقْدِ
أَبَا الْحَسَنِ ( عَلِيَّ بْنَ ) عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ صَاحِبَ
أَبِي تَغْلِبَ بْنِ حَمْدَانَ ، وَوَقَعَ الْعَقْدُ فِي صَفَرَ .
وَفِيهَا قُتِلَ رَجُلَانِ
بِمَسْجِدِ دَيْرِ مَارَ مِيخَائِيلَ بِظَاهِرِ الْمَوْصِلِ ، فَصَادَرَ
أَبُو تَغْلِبَ جَمَاعَةً مِنَ
النَّصَارَى .
وَفِيهَا اسْتَوْزَرَ
مُؤَيِّدُ الدَّوْلَةِ بْنُ رُكْنِ الدَّوْلَةِ أَبَا الْقَاسِمَ بْنَ عَبَّادٍ ، وَأَصْلَحَ أُمُورَهُ كُلَّهَا .
[
nindex.php?page=treesubj&link=33800_34064الْوَفَيَاتُ ]
وَفِيهَا مَاتَ
nindex.php?page=showalam&ids=14687أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ صَاحِبُ الْمَعَاجِمِ الثَّلَاثَةِ (
بِأَصْبَهَانَ ) وَكَانَ عُمْرُهُ مِائَةَ سَنَةٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13652وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْآجُرِّيُّ بِمَكَّةَ ، وَهُمَا مِنْ حُفَّاظِ الْمُحَدِّثِينَ .
وَفِيهَا تُوُفِّيَ
nindex.php?page=showalam&ids=14379السَّرِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّرِيِّ أَبُو الْحَسَنِ الْكِنْدِيُّ الرَّفَّا ، الشَّاعِرُ الْمَوْصِلِيُّ ،
بِبَغْدَادَ .