ذكر عود  ابن الجبار  وقتله وعود  المؤيد   
لما اختفى  ابن عبد الجبار  سار سرا إلى طليطلة  ، وأتاه  واضح الفتى العامري  في أصحابه ، وجمع له النصارى  وسار بهم إلى قرطبة  ، فخرج إليهم  سليمان  فالتقوا بقرب عقبة البقر  ، واقتتلوا أشد قتال ، فانهزم  سليمان  ومن معه منتصف شوال سنة أربعمائة ، ومضى  سليمان  إلى شاطبة  ، ودخل  ابن عبد الجبار  قرطبة  وجدد البيعة لنفسه ، وجعل الحجابة  لواضح  وتصرف بالاختيار . 
ثم إن جماعة من الفتيان العامريين ، منهم  عنبر  ،  وخيرون  ، وغيرهما ، كانوا مع  سليمان  ، فأرسلوا إلى  ابن عبد الجبار  يطلبون قبول طاعتهم ، وأن يجعلهم في جملة رجاله ، فأجابهم إلى ذلك ، وإنما فعلوا ذلك مكيدة به ليقتلوه ، فلما دخلوا قرطبة  استمالوا  واضحا  فأجابهم إلى قتله ، فلما كان تاسع ذي الحجة سنة أربعمائة اجتمعوا في القصر فملكوه ، وأخذوا  ابن عبد الجبار  أسيرا ، وأخرجوا  المؤيد  بالله فأجلسوه مجلس الخلافة وبايعوه ، وأحضروا  ابن عبد الجبار  بين يديه ، فعدد ذنوبه عليه ، ثم قتل ، وطيف برأسه في قرطبة  ، وكان عمره ثلاثا وثلاثين سنة ، وأمه أم ولد . 
وكان ينبغي أن نذكر هذه الحوادث متأخرة ، وإنما قدمناها لتعلق بعضها ببعض ، ( ولأن كلا منهم ليس له من طول المدة ما تؤخر أخباره وتفرق ) . 
				
						
						
