[ ص: 670 ] 413
ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وأربعمائة
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33800الصلح بين سلطان الدولة ومشرف الدولة
في هذه السنة اصطلح
سلطان الدولة وأخوه
مشرف الدولة وحلف كل واحد منهما لصاحبه ، وكان الصلح بسعي من
أبي محمد بن مكرم ،
ومؤيد الملك الرخجي وزير
مشرف الدولة ، على أن يكون
العراق جميعه
لمشرف الدولة ،
وفارس وكرمان لسلطان الدولة .
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33800قتل المعز وزيره وصاحب جيشه
في هذه السنة قتل
nindex.php?page=showalam&ids=12968المعز بن باديس ، صاحب
إفريقية ، وزيره وصاحب جيشه
أبا عبد الله محمد بن الحسن .
وسبب ذلك أنه أقام سبع سنين لم يحمل إلى
المعز من الأموال شيئا بل يجبيها ويرفعها عنده ، وطمع طمعا عظيما ، لا يصبر على مثله ، بكثرة أتباعه ، ولأن أخاه
عبد الله بطرابلس الغرب مجاور لزناتة ، وهم أعداء دولته ، فصار
المعز لا يكاتب ملكا ، ولا يراسله ، إلا ويكتب
أبو عبد الله معه عن نفسه ، فعظم ذلك على
المعز وقتله .
يحكى عن
أبي عبد الله أنه قال : سهرت ليلة أفكر في شيء أحدثه في الناس وأخرجه عليهم من الخدم التي التزمتها ، فنمت فرأيت
عبد الله بن محمد الكاتب ، وكان
[ ص: 671 ] وزيرا
لباديس ، والد هذا
المعز ، وكان عظيم القدر والمحل ، وهو يقول لي : اتق الله ،
أبا عبد الله ، في الناس كافة ، وفي نفسك خاصة ، فقد أسهرت عينيك ، وأبرمت حافظيك ، وقد بدا لي منك ما خفي عليك ، وعن قليل ترد على ما وردنا ، وتقدم على ما قدمنا . فاكتب عني ما أقول فإني لا أقول إلا حقا . فأملى علي ( هذه الأبيات ) :
وليت ، وقد رأيت مصير قوم هم كانوا السماء وكنت أرضا سموا درج العلى حتى اطمأنوا
وهد بهم ، فعاد الرفع خفضا وأعظم أسوة لك بي لأني
ملكت ولم أعش طولا وعرضا فلا تغتر بالدنيا وأقصر
فإن أوان أمرك قد تقضى
قال : فانتبهت مرعوبا ، ورسخت الأبيات في حفظي ، فلم يبق بعد هذا المنام غير شهرين حتى قتل .
ولما وصل خبر قتله إلى أخيه
عبد الله بطرابلس بعث إلى زناتة فعاهدهم ، وأدخلهم مدينة
طرابلس ، فقتلوا من كان فيها من
صنهاجة وسائر الجيش ، وأخذوا المدينة . فلما سمع
المعز ذلك أخذ أولاد عبد الله ونفرا من أهلهم فحبسهم ، ثم قتلهم بعد أيام ، لأن نساء المقتولين
بطرابلس استغثن إلى
المعز في قتلهم فقتلهم .
ذكر عدة حوادث
nindex.php?page=treesubj&link=33800وفيها كان بإفريقية غلاء شديد ، ومجاعة عظيمة لم يكن مثلها في تعذر الأقوات ، إلا أنه لم يمت فيها أحد بسبب الجوع ، ولم يجد الناس كبير مشقة .
وفيها ، في شهر رمضان استوزر
مشرف الدولة أبا الحسين بن الحسن الرخجي [ ص: 672 ] ولقب مؤيد الملك ، وامتدحه
مهيار وغيره من الشعراء وبنى مارستانا
بواسط ، وأكثر فيه من الأدوية والأشربة ، ورتب له الخزان والأطباء ، ووقف عليه الوقوف الكثيرة ، وكان يعرض عليه الوزارة فيأباها ، فلما قتل
أبو غالب ألزمه بها
مشرف الدولة فلم يقدر على الامتناع .
[ الوفيات ]
nindex.php?page=treesubj&link=34064وفيها توفي أبو الحسن علي بن عيسى السكري شاعر السنة ، ومولده
ببغداذ في صفر سنة سبع وخمسين وثلاثمائة . وكان قد قرأ الكلام على القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=12604أبي بكر بن الباقلاني ، ( وإنما سمي شاعر السنة لأنه أكثر مدح الصحابة ، ومناقضات شعراء
الشيعة ) .
وفيها توفي
أبو علي عمر بن محمد بن عمر العلوي ، وأخذ السلطان ماله جميعه .
وفيها توفي
أبو عبد الله بن المعلم ، فقيه
الإمامية ، ورثاه
المرتضى .
[ ص: 670 ] 413
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33800الصُّلْحِ بَيْنَ سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ وَمُشَرِّفِ الدَّوْلَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اصْطَلَحَ
سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ وَأَخُوهُ
مُشَرِّفُ الدَّوْلَةِ وَحَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ ، وَكَانَ الصُّلْحُ بِسَعْيٍ مِنْ
أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ مُكْرَمٍ ،
وَمُؤَيِّدِ الْمُلْكِ الرُّخَّجِيِّ وَزِيرِ
مُشَرِّفِ الدَّوْلَةِ ، عَلَى أَنْ يَكُونَ
الْعِرَاقُ جَمِيعُهُ
لِمُشَرِّفِ الدَّوْلَةِ ،
وَفَارِسُ وَكِرْمَانُ لِسُلْطَانِ الدَّوْلَةِ .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33800قَتْلِ الْمُعِزِّ وَزِيرَهُ وَصَاحِبَ جَيْشِهِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَتَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12968الْمُعِزُّ بْنُ بَادِيسَ ، صَاحِبُ
إِفْرِيقِيَّةَ ، وَزِيرَهُ وَصَاحِبَ جَيْشِهِ
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ .
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَقَامَ سَبْعَ سِنِينَ لَمْ يَحْمِلْ إِلَى
الْمُعِزِّ مِنَ الْأَمْوَالِ شَيْئًا بَلْ يَجْبِيهَا وَيَرْفَعُهَا عِنْدَهُ ، وَطَمِعَ طَمَعًا عَظِيمًا ، لَا يُصْبَرُ عَلَى مِثْلِهِ ، بِكَثْرَةِ أَتْبَاعِهِ ، وَلِأَنَّ أَخَاهُ
عَبْدَ اللَّهِ بِطَرَابُلُسَ الْغَرْبِ مُجَاوِرٌ لِزِنَاتَةَ ، وَهُمْ أَعْدَاءُ دَوْلَتِهِ ، فَصَارَ
الْمُعِزُّ لَا يُكَاتِبُ مَلِكًا ، وَلَا يُرَاسِلُهُ ، إِلَّا وَيَكْتُبُ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ ، فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى
الْمُعِزِّ وَقَتَلَهُ .
يُحْكَى عَنْ
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ : سَهِرْتُ لَيْلَةً أُفَكِّرُ فِي شَيْءٍ أُحْدِثُهُ فِي النَّاسِ وَأُخْرِجُهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْخَدَمِ الَّتِي الْتَزَمْتُهَا ، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبَ ، وَكَانَ
[ ص: 671 ] وَزِيرًا
لِبَادِيسَ ، وَالِدِ هَذَا
الْمُعِزِّ ، وَكَانَ عَظِيمَ الْقَدْرِ وَالْمَحَلِّ ، وَهُوَ يَقُولُ لِي : اتَّقِ اللَّهَ ،
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، فِي النَّاسِ كَافَّةً ، وَفِي نَفْسِكَ خَاصَّةً ، فَقَدْ أَسَهَرْتَ عَيْنَيْكَ ، وَأَبْرَمْتَ حَافِظَيْكَ ، وَقَدْ بَدَا لِي مِنْكَ مَا خَفِيَ عَلَيْكَ ، وَعَنْ قَلِيلٍ تَرِدُ عَلَى مَا وَرَدْنَا ، وَتُقْدِمُ عَلَى مَا قَدِمْنَا . فَاكْتُبْ عَنِّي مَا أَقُولُ فَإِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا . فَأَمْلَى عَلَيَّ ( هَذِهِ الْأَبْيَاتَ ) :
وُلِّيتَ ، وَقَدْ رَأَيْتَ مَصِيرَ قَوْمٍ هُمْ كَانُوا السَّمَاءَ وَكُنْتَ أَرْضَا سَمَوْا دَرَجَ الْعُلَى حَتَّى اطْمَأَنُّوا
وَهَدَّ بِهِمْ ، فَعَادَ الرَّفْعُ خَفْضَا وَأَعْظَمُ أُسْوَةٍ لَكَ بِي لِأَنِّي
مَلَكْتُ وَلَمْ أَعِشْ طُولًا وَعَرْضَا فَلَا تَغْتَرَّ بِالدُّنْيَا وَأَقْصِرْ
فَإِنَّ أَوَانَ أَمْرِكَ قَدْ تَقَضَّى
قَالَ : فَانْتَبَهْتُ مَرْعُوبًا ، وَرَسَخَتِ الْأَبْيَاتُ فِي حِفْظِي ، فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ هَذَا الْمَنَامِ غَيْرُ شَهْرَيْنِ حَتَّى قُتِلَ .
وَلَمَّا وَصَلَ خَبَرُ قَتْلِهِ إِلَى أَخِيهِ
عَبْدِ اللَّهِ بِطَرَابُلُسَ بَعَثَ إِلَى زِنَاتَةَ فَعَاهَدَهُمْ ، وَأَدْخَلَهُمْ مَدِينَةَ
طَرَابُلُسَ ، فَقَتَلُوا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ
صِنْهَاجَةَ وَسَائِرِ الْجَيْشِ ، وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ . فَلَمَّا سَمِعَ
الْمُعِزُّ ذَلِكَ أَخَذَ أَوْلَادَ عَبْدِ اللَّهِ وَنَفَرًا مِنْ أَهْلِهِمْ فَحَبَسَهُمْ ، ثُمَّ قَتَلَهُمْ بَعْدَ أَيَّامٍ ، لِأَنَّ نِسَاءَ الْمَقْتُولِينَ
بِطَرَابُلُسَ اسْتَغَثْنَ إِلَى
الْمُعِزِّ فِي قَتْلِهِمْ فَقَتَلَهُمْ .
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
nindex.php?page=treesubj&link=33800وَفِيهَا كَانَ بِإِفْرِيقِيَّةَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ ، وَمَجَاعَةٌ عَظِيمَةٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهَا فِي تَعَذُّرِ الْأَقْوَاتِ ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ فِيهَا أَحَدٌ بِسَبَبِ الْجُوعِ ، وَلَمْ يَجِدِ النَّاسُ كَبِيرَ مَشَقَّةٍ .
وَفِيهَا ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ اسْتَوْزَرَ
مُشَرِّفُ الدَّوْلَةِ أَبَا الْحُسَيْنِ بْنَ الْحَسَنِ الرُّخَّجِيَّ [ ص: 672 ] وَلُقِّبَ مُؤَيِّدَ الْمُلْكِ ، وَامْتَدَحَهُ
مِهْيَارُ وَغَيْرُهُ مِنَ الشُّعَرَاءِ وَبَنَى مَارَسْتَانًا
بِوَاسِطٍ ، وَأَكْثَرَ فِيهِ مِنَ الْأَدْوِيَةِ وَالْأَشْرِبَةِ ، وَرَتَّبَ لَهُ الْخُزَّانَ وَالْأَطِبَّاءَ ، وَوَقَفَ عَلَيْهِ الْوُقُوفَ الْكَثِيرَةَ ، وَكَانَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْوَزَارَةَ فَيَأْبَاهَا ، فَلَمَّا قُتِلَ
أَبُو غَالِبٍ أَلْزَمَهُ بِهَا
مُشَرِّفُ الدَّوْلَةِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِامْتِنَاعِ .
[ الْوَفَيَاتُ ]
nindex.php?page=treesubj&link=34064وَفِيهَا تُوُفِّيَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى السُّكَّرِيُّ شَاعِرُ السُّنَّةِ ، وَمَوْلِدُهُ
بِبَغْدَاذَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ . وَكَانَ قَدْ قَرَأَ الْكَلَامَ عَلَى الْقَاضِي
nindex.php?page=showalam&ids=12604أَبِي بَكْرِ بْنِ الْبَاقِلَّانِيِّ ، ( وَإِنَّمَا سُمِّيَ شَاعِرَ السُّنَّةِ لِأَنَّهُ أَكْثَرَ مَدْحَ الصَّحَابَةِ ، وَمُنَاقَضَاتِ شُعَرَاءِ
الشِّيعَةِ ) .
وَفِيهَا تُوُفِّيَ
أَبُو عَلِيٍّ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْعَلَوِيُّ ، وَأَخَذَ السُّلْطَانُ مَالَهُ جَمِيعَهُ .
وَفِيهَا تُوُفِّيَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْمُعَلِّمِ ، فَقِيهُ
الْإِمَامِيَّةِ ، وَرَثَاهُ
الْمُرْتَضَى .