[ ص: 149 ] ذكر عدة حوادث 
  [ الوفيات    ] 
في هذه السنة ، في ربيع الآخر ، توفي   أبو بكر عبد الله بن منصور بن عمران الباقلاني المقري الواسطي   بها عن ثلاث وتسعين سنة وثلاثة أشهر وأيام ، وهو آخر من بقي من أصحاب  القلانسي     . 
وفي جمادى الآخرة توفي قاضي القضاة  أبو طالب علي بن علي بن البخاري  ببغداد  ودفن بتربته في مشهد باب التين    . 
وفيها ، في ربيع الآخر ، توفي  ملكشاه بن خوارزم شاه تكش  بنيسابور  ، وكان أبوه قد جعله فيها ، وأضاف إليه عساكر جميع بلاده التي بخراسان  وجعله ولي عهده في الملك ، وخلف ولدا اسمه  هندوخان  ، فلما مات ، جعل فيها ( أبوه  خوارزم شاه     ) بعده ولده الآخر  قطب الدين محمدا  ، وهو الذي ملك بعد أبيه ، وكان بين الأخوين عداوة مستحكمة أفضت إلى أن  محمدا  لما ملك بعد أبيه هرب  هندوخان بن ملكشاه  منه على ما نذكره . 
[ وفيها توفي شيخنا   أبو القاسم يعيش بن صدقة بن علي الفراتي  الضرير الفقيه الشافعي وكان إماما في الفقه ، مدرسا صالحا كثير الصلاح ، سمعت عليه كثيرا ولم أر مثله - رحمه الله تعالى . 
ولقد شاهدت منه عجبا يدل على دينه وإرادته بعمله وجه الله تعالى ، وذلك أني كنت أسمع عليه ببغداد    " سنن "  عبد الرحمن النسائي  ، وهو كتاب كبير ، والوقت ضيق لأني كنت مع الحجاج قد عدنا من مكة  ، حرسها الله ، فبينما نحن نسمع عليه من أخي الأكبر  مجد الدين أبي السعادات  ، إذ قد أتاه إنسان من أعيان بغداد  ، وقال له : قد برز الأمر لتحضر لأمر كذا فقال : أنا مشغول بسماع هؤلاء السادة ، ووقتهم يفوت ، والذي يراد مني لا يفوت ، فقال : أنا لا أحسن أذكر هذا في مقابل أمر الخليفة . فقال : لا عليك ! قل : قال :  أبو القاسم  لا أحضر حتى يفرغ السماع ، فسألناه ليمشي معه ، فلم يفعل ذلك ، وقال : اقرأوا ، فقرأنا ، فلما كان الغد حضر غلام لنا ، وذكر أن أمير الحاج الموصلي قد رحل ، فعظم الأمر علينا فقال : ولم يعظم عليكم العود إلى   [ ص: 150 ] أهلكم وبلدكم ؟ فقلنا : لأجل فراغ هذا الكتاب . فقال : إذا رحلتم أستعير دابة وأركبها ، فأسير معكم وأنتم تقرأون ، فإذا فرغتم عدت . فمضى الغلام ليتزود ، ونحن نقرأ ، فعاد وذكر أن الحجاج لم يرحلوا ، ففرغنا من الكتاب ، فانظر إلى هذا الدين المتين يرد أمر الخليفة وهو يخافه ويرجوه ، ويريد [ أن ] يسير معنا ونحن غرباء لا يخافنا ولا يرجونا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					