ذكر ملك   غياث الدين كيخسرو  مدينة أنطاكية   
في هذه السنة ، ثالث شعبان ، ملك   غياث الدين كيخسرو  ، صاحب قونية  وبلد الروم  ، مدينة أنطاكية  بالأمان ، وهي للروم  على ساحل البحر . 
وسبب ذلك أنه كان حصرها قبل هذا التاريخ ، وأطال المقام عليها ، وهدم عدة أبراج من سورها ، ولم يبق إلا فتحها عنوة ، فأرسل من [ بها من ] الروم  إلى الفرنج  الذين بجزيرة قبرس  ، وهي قريبة منها ، فاستنجدوهم ، فوصل إليها جماعة منهم ، فعند ذلك يئس  غياث الدين  منها ، ورحل عنها ، وترك طائفة من عسكره بالقرب منها ، بالجبال التي بينها وبين بلاده ، وأمرهم بقطع الميرة منها . 
فاستمر الحال على ذلك مدة حتى ضاق بأهل البلد ، واشتد الأمر عليهم ، فطلبوا من الفرنج  الخروج لدفع المسلمين عن مضايقتهم ، فظن الفرنج  أن الروم  يريدون إخراجهم من المدينة بهذا السبب ، فوقع الخلف بينهم ، فاقتتلوا ، فأرسل الروم  إلى المسلمين ، وطلبوهم ليسلموا إليهم البلد ، فوصلوا إليهم ، واجتمعوا على قتال الفرنج  ، فانهزم الفرنج  ودخلوا الحصن فاعتصموا به ، فأرسل المسلمون يطلبون  غياث الدين  ، وهو بمدينة قونية  ، فسار إليهم مجدا في طائفة من عسكره ، فوصلها ثاني شعبان ،   [ ص: 247 ] وتقرر الحال بينه وبين الروم  ، وتسلم المدينة ( ثالثة ) ، وحصر الحصن الذي فيه الفرنج  ، وتسلمه ، وقتل كل من كان به من الفرنج    . 
				
						
						
