ذكر خلع  أبي الورد  وأهل دمشق   
وفيها خلع  أبو الورد مجزاة بن الكوثر بن زفر بن الحارث الكلابي  ، وكان من أصحاب  مروان  وقواده . 
وكان سبب ذلك أن  مروان  لما انهزم قام  أبو الورد  بقنسرين  ، فقدمها   عبد الله بن علي  ، فبايعه  أبو الورد  ، ودخل فيما دخل فيه جنده ، وكان ولد   مسلمة بن عبد الملك مجاورين  له ببالس  والناعورة  ، فقدم بالس  قائد من قواد   عبد الله بن علي  ، فبعث بولد  مسلمة  ونسائهم ، فشكا بعضهم ذلك إلى  أبي الورد  ، فخرج من مزرعة [ له ] يقال لها   [ ص: 26 ] خساف  ، فقتل ذلك القائد ومن معه ، وأظهر التبييض والخلع  لعبد الله  ، ودعا أهل قنسرين  إلى ذلك ، فبيضوا أجمعهم ،  والسفاح  يومئذ بالحيرة  ،  وعبد الله بن علي  مشتغل بحرب  حبيب بن مرة المري  بأرض البلقاء  وحوران  والبثنية  ، على ما ذكرناه . 
فلما بلغ  عبد الله  تبييض أهل قنسرين وخلعهم  صالح حبيب بن مرة  ، وسار نحو قنسرين  للقاء  أبي الورد  ، فمر بدمشق  ، فخلف بها  أبا غانم عبد الحميد بن ربعي الطائي  في أربعة آلاف ، وكان بدمشق  أهل  عبد الله  ، وأمهات أولاده وثقله . 
فلما قدم حمص  انتقض له أهل دمشق وبيضوا ، وقاموا مع  عثمان بن عبد الأعلى بن سراقة الأزدي  ، فلقوا  أبا غانم  ومن معه فهزموه ، وقتلوا من أصحابه مقتلة عظيمة ، وانتهبوا ما كان  عبد الله  خلف من ثقله ، ولم يعرضوا لأهله ، واجتمعوا على الخلاف . وسار  عبد الله     . 
وكان قد اجتمع مع  أبي الورد  جماعة [ من ] أهل قنسرين وكاتبوا من يليهم من أهل حمص وتدمر  ، فقدم منهم ألوف عليهم  أبو محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية  ، ودعوا إليه ، وقالوا : هذا السفياني الذي كان يذكر ، وهم في نحو من أربعين ألفا ، فعسكروا بمرج الأخرم .
ودنا منهم   عبد الله بن علي  ، ووجه إليهم أخاه   عبد الصمد بن علي  في عشرة آلاف ، وكان  أبو الورد  هو المدبر لعسكر قنسرين  وصاحب القتال ، فناهضهم القتال ، وكثر القتل في الفريقين ، وانكشف  عبد الصمد  ومن معه ، وقتل منهم ألوف ولحق بأخيه عبد الله . 
فأقبل  عبد الله  معه وجماعة القواد فالتقوا ثانية بمرج الأخرم ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، وثبت  عبد الله  ، فانهزم أصحاب  أبي الورد  ، وثبت هو في نحو من خمسمائة من قومه وأصحابه ، فقتلوا جميعا ، وهرب  أبو محمد  ومن معه حتى لحقوا بتدمر  ، وآمن  عبد الله  أهل قنسرين ، وسودوا وبايعوا ودخلوا في طاعته . 
ثم انصرف راجعا إلى أهل دمشق لما كان من تبييضهم [ عليه ] ، فلما دنا منهم هرب الناس ، ولم يكن منهم قتال ، وآمن  عبد الله  أهلها وبايعوه ولم يأخذهم بما كان منهم . 
ولم يزل  أبو محمد السفياني  متغيبا هاربا ولحق بأرض الحجاز    ( وبقي كذلك إلى أيام  المنصور     ) ، فبلغ  زياد بن عبد الله الحارثي  عامل  المنصور  مكانه ، فبعث إليه خيلا فقاتلوه فقتلوه وأخذوا ابنين له أسيرين ، فبعث  زياد  برأس  أبي محمد بن عبد الله السفياني   [ ص: 27 ] وبابنيه ، فأطلقهما  المنصور  وآمنهما . 
وقيل : إن حرب  عبد الله  وأبي الورد  كانت سلخ ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثين ومائة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					