فصل 
وأما القدر المشروع للإمام : فهي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح  البخاري  عن  أبي قلابة  عن  مالك بن الحويرث  أنه قال : " إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم ، ثم صلوا كما رأيتموني أصلي   " . 
وأما القيام : ففي صحيح   مسلم  عن  جابر بن سمرة     " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر بـ ( ق  والقرآن المجيد     ) ونحوها ، وكانت صلاته بعد إلى تخفيف " أي يجعل صلاته بعد الفجر خفيفة ، كما في صحيح   مسلم  أيضا عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر بالليل إذا يغشى  ، وفي العصر نحو ذلك ، وفي الصبح أطول من ذلك   " ، وفي الصحيحين عن  أبي برزة الأسلمي  قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الهجير التي تدعونها الأولى لحين تدحض الشمس ، ويصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة   [ ص: 91 ] والشمس حية - قال الراوي : ونسيت ما قال في المغرب - وكان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة  ، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها ، وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه ، وكان يقرأ فيها بالستين إلى المائة   " ، وعن  أبي سعيد الخدري  رضي الله عنه قال : " حزرنا قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر  ، فحزرنا قيامه في الركعتين الأولتين من الظهر قدر ثلاثين آية ، قدر الم السجدة ، وحزرنا قيامه في الأولتين من العصر على قدر الآخرتين من الظهر ، وحزرنا قيامه في الآخرتين من العصر على النصف من ذلك   " ، رواه   مسلم  وأبو داود   والنسائي  ، وفي الصحيحين وغيرهما عن  جابر بن سمرة  قال : قال  عمر   لسعد بن أبي وقاص     : " لقد شكاك الناس في كل شيء حتى في الصلاة ، قال : أما أنا فأمد في الأوليين وأحذف في الأخريين ولا آلو ما اقتديت به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ذاك الظن بك يا أبا إسحاق   " وفي صحيح   مسلم  أيضا عن  أبي سعيد  رضي الله عنه قال : " لقد كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع  فيقضي حاجته ثم يتوضأ ثم يأتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطيلها   " وفي صحيح   مسلم  أيضا عن  أبي وائل  قال : " خطبنا  عمار بن ياسر  يوما فأوجز وأبلغ ، فقلنا : يا  أبا اليقظان  لقد أبلغت وأوجزت ، فلو كنت تنفست ، فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم   [ ص: 92 ] يقول : إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه  ، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة ، إن من البيان سحرا   " . 
وفي صحيح   مسلم  عن  جابر بن سمرة  رضي الله عنه قال : " كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات فكانت صلاته قصدا   " أي وسطا . 
وفعله الذي سنه لأمته هو من التخفيف الذي أمر به الأئمة ، إذ التخفيف من الأمور الإضافية ، فالمرجع في مقداره إلى السنة ، وذلك كما خرجاه في الصحيحين عن  جابر  رضي الله عنه قال : " كان  معاذ  يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيؤمنا - وقال مرة : ثم يرجع فيصلي بقومه - فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم - وقال مرة : العشاء - فصلى  معاذ  مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء يؤم قومه - فقرأ البقرة فاعتزل رجل من القوم فصلى ، فقيل : نافقت ، فقال : ما نافقت ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن  معاذا  يصلي معك ثم يرجع فيؤمنا يا رسول الله ، إنما نحن أصحاب نواضح ونعمل بأيدينا وإنه جاء يؤمنا فقرأ سورة البقرة ، فقال : أفتان أنت يا  معاذ  ؟ اقرأ بكذا ، اقرأ بكذا " قال  أبو الزبير     : ( سبح اسم ربك الأعلى    ) ، ( والليل إذا يغشى    ) ، وفي رواية  للبخاري  عن  جابر  رضي الله عنه قال : " أقبل رجل بناضحين ، وقد جنح الليل فوافق  معاذا  يصلي " وذكره نحوه ، فقال في آخره : " فلولا صليت بسبح اسم ربك   [ ص: 93 ] الأعلى ، والشمس وضحاها ، والليل إذا يغشى ، فإنه يصلي وراءك الضعيف والكبير وذو الحاجة   " . 
وفي الصحيحين عن  أبي مسعود  رضي الله عنه قال : " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا ، فما رأيت رسول الله غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ . قال : أيها الناس إن منكم منفرين ، فأيكم أم الناس فليوجز ؛ فإن وراءه الكبير والضعيف وذا الحاجة   " وفي رواية : " فإن فيهم الضعيف والكبير " وفي رواية : " فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة   " . 
وفي صحيح  البخاري  من حديث  أبي قتادة  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها ، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز كراهية أن أشق على أمه   " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					