وأما نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن المعاومة الذي جاء مفسرا في رواية أخرى بأنه
nindex.php?page=treesubj&link=26524بيع السنين : فهو - والله أعلم - مثل نهيه عن بيع حبل الحبلة ، إنما نهى أن يبتاع المشتري الثمرة التي يستثمرها رب الشجرة . وأما اكتراء الأرض والشجرة حتى يستثمرها فلا يدخل هذا في البيع المطلق ، وإنما هو نوع من الإجارة .
ونظير هذا : ما تقدم من حديث
جابر في الصحيح من أنه نهى عن كراء الأرض ، وأنه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004019نهى عن المخابرة " ، وأنه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004020نهى عن المزارعة " ، وأنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004021لا تكروا في الأرض " ، فإن المراد بذلك : الكراء الذي كانوا يعتادونه ، كما جاء مفسرا ، وهي المخابرة والمزارعة التي كانوا يعتادونها ، فنهاهم عما كانوا يعتادونه من الكراء أو المعاومة ، الذي يرجع حاصله إلى
nindex.php?page=treesubj&link=24536بيع الثمرة قبل أن تصلح ، وإلى المزارعة المشروط فيها جزء معين .
وهذا نهي عما فيه مفسدة راجحة . هذا نهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=4803الغرر في جنس البيع ، وذاك نهي عن الغرر في جنس الكراء العام الذي يدخل فيه المساقاة والمزارعة ، وقد بين في كل منهما أن هذه المبايعة وهذه المكاراة كانت تفضي إلى الخصومة والشنآن ، وهو ما ذكره الله في حكمة تحريم الميسر بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ) [المائدة : 91] .
وَأَمَّا نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْمُعَاوَمَةِ الَّذِي جَاءَ مُفَسَّرًا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى بِأَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=26524بَيْعُ السِّنِينَ : فَهُوَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مِثْلُ نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ ، إِنَّمَا نَهَى أَنْ يَبْتَاعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَةَ الَّتِي يَسْتَثْمِرُهَا رَبُّ الشَّجَرَةِ . وَأَمَّا اكْتِرَاءُ الْأَرْضِ وَالشَّجَرَةِ حَتَّى يَسْتَثْمِرَهَا فَلَا يَدْخُلُ هَذَا فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ ، وَإِنَّمَا هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْإِجَارَةِ .
وَنَظِيرُ هَذَا : مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ
جابر فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهُ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ ، وَأَنَّهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004019نَهَى عَنِ الْمُخَابَرَةِ " ، وَأَنَّهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004020نَهَى عَنِ الْمُزَارَعَةِ " ، وَأَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004021لَا تُكْرُوا فِي الْأَرْضِ " ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ : الْكِرَاءُ الَّذِي كَانُوا يَعْتَادُونَهُ ، كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا ، وَهِيَ الْمُخَابَرَةُ وَالْمُزَارَعَةُ الَّتِي كَانُوا يَعْتَادُونَهَا ، فَنَهَاهُمْ عَمَّا كَانُوا يَعْتَادُونَهُ مِنَ الْكِرَاءِ أَوِ الْمُعَاوَمَةِ ، الَّذِي يَرْجِعُ حَاصِلُهُ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=24536بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تَصْلُحَ ، وَإِلَى الْمُزَارَعَةِ الْمَشْرُوطِ فِيهَا جُزْءٌ مُعَيَّنٌ .
وَهَذَا نَهْيٌ عَمَّا فِيهِ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ . هَذَا نَهْيٌ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=4803الْغَرَرِ فِي جِنْسِ الْبَيْعِ ، وَذَاكَ نَهْيٌ عَنِ الْغَرَرِ فِي جِنْسِ الْكِرَاءِ الْعَامِّ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ ، وَقَدْ بَيَّنَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْمُبَايَعَةَ وَهَذِهِ الْمُكَارَاةَ كَانَتْ تُفْضِي إِلَى الْخُصُومَةِ وَالشَّنَآنِ ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي حِكْمَةِ تَحْرِيمِ الْمَيْسِرِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) [الْمَائِدَةِ : 91] .