مسألة : في
nindex.php?page=treesubj&link=28908قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=44خلق الله السماوات ) هل السماوات مفعول به أو مفعول مطلق ؟
الجواب : هو مفعول مطلق ، ومن أعربه مفعولا به فقد غلطه المحققون منهم
ابن الحاجب في أماليه ،
وابن هشام في مغنيه ، ووجهوه بأمور منها أن المفعول به ما كان موجودا قبل الفعل الذي عمل فيه ، ثم أوقع الفاعل به فعلا ، والمفعول المطلق ما كان الفعل العامل به هو فعل إيجاده ، قال
ابن هشام : والذي غر النحويين في هذا أنهم يمثلون الفعل المطلق بأفعال العباد ، وهم إنما يجري على أيديهم إنشاء الأفعال لا
[ ص: 365 ] الذوات ، فتوهموا أن المفعول المطلق لا يكون إلا حدثا ، ولو مثلوا بأفعال الله تعالى لظهر لهم أنه لا يختص بذلك ; لأنه سبحانه موجد للأفعال وللذوات جميعا قال : وكذا البحث في : أنشأت كتابا ، وعمل فلان خيرا ، وآمنوا وعملوا الصالحات ، هذا ما ذكره
ابن هشام ، وقد رأيت للشيخ
تقي الدين السبكي في هذه المسألة بخصوصها تأليفين نفيسين : أحدهما مطول سماه : التهدي إلى معنى التعدي أتى فيه بنفائس وغرائب ، ثم لخصه في كتاب أخصر منه سماه : بيان المحتمل في تعديه عمل ، قال فيه في توجيه ما ذكرناه : المفعول به هو محل الفعل ، ومن ضرورة قولنا : مفعول به ؛ أن يكون المفعول غيره ، فزيدا في : ضربت زيدا مفعول به ; لأنه في محل الفعل ، وأما المفعول الذي أوجده الفاعل فالضرب وهو المفعول المطلق ، وكذا نحو : خلق الله السماوات ، وعملت صالحا ، السماوات والصالح هو نفس المفعول لا محل الفعل ، والمفعول غيره فهو مطلق بمعنى أن ما سواه من المفاعيل مقيد ، وهو نفس المفعول المطلق أي المجرد عن القيود ، وهو الصادر عن الفاعل وهو نفس فعله قال : وإنما سرى الغلط من ظن أن المفعول المطلق شرطه أن يكون مصدرا وليس كذلك ، فليس كل مفعول مطلق مصدرا ، هذا كلام
السبكي .
مَسْأَلَةٌ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28908قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=44خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ ) هَلِ السَّمَاوَاتُ مَفْعُولٌ بِهِ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ ؟
الْجَوَابُ : هُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ ، وَمَنْ أَعْرَبَهُ مَفْعُولًا بِهِ فَقَدْ غَلَّطَهُ الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمُ
ابن الحاجب فِي أَمَالِيهِ ،
وابن هشام فِي مُغْنِيهِ ، وَوَجَّهُوهُ بِأُمُورٍ مِنْهَا أَنَّ الْمَفْعُولَ بِهِ مَا كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْفِعْلِ الَّذِي عَمِلَ فِيهِ ، ثُمَّ أَوْقَعَ الْفَاعِلُ بِهِ فِعْلًا ، وَالْمَفْعُولُ الْمُطْلَقُ مَا كَانَ الْفِعْلُ الْعَامِلُ بِهِ هُوَ فِعْلَ إِيجَادِهِ ، قَالَ
ابن هشام : وَالَّذِي غَرَّ النَّحْوِيِّينَ فِي هَذَا أَنَّهُمْ يُمَثِّلُونَ الْفِعْلَ الْمُطْلَقَ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ ، وَهُمْ إِنَّمَا يَجْرِي عَلَى أَيْدِيهِمْ إِنْشَاءُ الْأَفْعَالِ لَا
[ ص: 365 ] الذَّوَاتِ ، فَتَوَهَّمُوا أَنَّ الْمَفْعُولَ الْمُطْلَقَ لَا يَكُونُ إِلَّا حَدَثًا ، وَلَوْ مَثَّلُوا بِأَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى لَظَهَرَ لَهُمْ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ ; لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُوجِدٌ لِلْأَفْعَالِ وَلِلذَّوَاتِ جَمِيعًا قَالَ : وَكَذَا الْبَحْثُ فِي : أَنْشَأْتُ كِتَابًا ، وَعَمِلَ فُلَانٌ خَيْرًا ، وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ
ابن هشام ، وَقَدْ رَأَيْتُ لِلشَّيْخِ
تقي الدين السبكي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِخُصُوصِهَا تَأْلِيفَيْنِ نَفِيسَيْنِ : أَحَدُهُمَا مُطَوَّلٌ سَمَّاهُ : التَّهَدِّي إِلَى مَعْنَى التَّعَدِّي أَتَى فِيهِ بِنَفَائِسَ وَغَرَائِبَ ، ثُمَّ لَخَّصَهُ فِي كِتَابٍ أَخْصَرَ مِنْهُ سَمَّاهُ : بَيَانَ الْمُحْتَمَلِ فِي تَعَدِّيهِ عَمَلٌ ، قَالَ فِيهِ فِي تَوْجِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ : الْمَفْعُولُ بِهِ هُوَ مَحَلُّ الْفِعْلِ ، وَمِنْ ضَرُورَةِ قَوْلِنَا : مَفْعُولٌ بِهِ ؛ أَنْ يَكُونَ الْمَفْعُولُ غَيْرَهُ ، فَزَيْدًا فِي : ضَرَبْتُ زَيْدًا مَفْعُولٌ بِهِ ; لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ الْفِعْلِ ، وَأَمَّا الْمَفْعُولُ الَّذِي أَوْجَدَهُ الْفَاعِلُ فَالضَّرْبُ وَهُوَ الْمَفْعُولُ الْمُطْلَقُ ، وَكَذَا نَحْوُ : خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ ، وَعَمِلْتُ صَالِحًا ، السَّمَاوَاتُ وَالصَّالِحُ هُوَ نَفْسُ الْمَفْعُولِ لَا مَحَلُّ الْفِعْلِ ، وَالْمَفْعُولُ غَيْرُهُ فَهُوَ مُطْلَقٌ بِمَعْنَى أَنَّ مَا سِوَاهُ مِنَ الْمَفَاعِيلِ مُقَيَّدٌ ، وَهُوَ نَفْسُ الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ أَيِ الْمُجَرَّدِ عَنِ الْقُيُودِ ، وَهُوَ الصَّادِرُ عَنِ الْفَاعِلِ وَهُوَ نَفْسُ فِعْلِهِ قَالَ : وَإِنَّمَا سَرَى الْغَلَطُ مِنْ ظَنِّ أَنَّ الْمَفْعُولَ الْمُطْلَقَ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَلَيْسَ كُلُّ مَفْعُولٍ مُطْلَقٍ مَصْدَرًا ، هَذَا كَلَامُ
السبكي .