الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ) وفيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : في أن هذا القائل من هو ؟ وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : قال الأصم : إنه الرسول عليه الصلاة والسلام كان يدعوهم إلى القتال .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : روي أن عبد الله بن أبي ابن سلول لما خرج بعسكره إلى أحد قالوا : لم نلقي أنفسنا في القتل ، فرجعوا وكانوا ثلاثمائة من جملة الألف الذين خرج بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر بن عبد الله الأنصاري : أذكركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عند حضور العدو ، فهذا هو المراد من قوله تعالى : ( وقيل لهم ) يعني قول عبد الله هذا .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قوله : ( قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ) يعني إن كان في قلبكم حب الدين والإسلام فقاتلوا للدين والإسلام ، وإن لم تكونوا كذلك ، فقاتلوا دفعا عن أنفسكم وأهليكم وأموالكم ، يعني كونوا إما من رجال الدين ، أو من رجال الدنيا . قال السدي وابن جريج : ادفعوا عنا العدو بتكثير سوادنا إن لم تقاتلوا معنا ، قالوا : لأن الكثرة أحد أسباب الهيبة والعظمة ، والأول هو الوجه .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : قوله تعالى : ( قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ) تصريح بأنهم قدموا طلب الدين على طلب الدنيا ، وذلك يدل على أن المسلم لا بد وأن يقدم الدين على الدنيا في كل المهمات .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية