وأما قوله : ( وتوفنا مع الأبرار    )  ففيه بحثان : 
الأول : أن الأبرار جمع بر أو بار ، كرب وأرباب ، وصاحب وأصحاب . 
الثاني : ذكر القفال  في تفسير هذه المعية وجهين : 
الأول : أن وفاتهم معهم هي أن يموتوا على مثل أعمالهم حتى يكونوا في درجاتهم يوم القيامة ، قد يقول الرجل أنا مع  الشافعي  في هذه المسألة ، ويريد به كونه مساويا له في ذلك الاعتقاد . 
والثاني : يقال : فلان في العطاء مع أصحاب الألوف ، أي هو مشارك لهم في أنه يعطي ألفا . 
والثالث : أن يكون المراد منه كونهم في جملة أتباع الأبرار وأشياعهم ، ومنه قوله : ( فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين    ) [ النساء : 69 ] . 
المسألة الثانية : احتج أصحابنا على حصول العفو بدون التوبة  بهذه الآية أعني قوله تعالى حكاية عنهم : ( فاغفر لنا ذنوبنا    ) والاستدلال به من وجهين : 
الأول : أنهم طلبوا غفران الذنوب ولم يكن للتوبة فيه ذكر ، فدل على أنهم طلبوا المغفرة مطلقا ، ثم إن الله تعالى أجابهم إليه لأنه قال في آخر الآية : ( فاستجاب لهم ربهم    ) [ آل عمران : 195 ] وهذا صريح في أنه تعالى قد يعفو عن الذنب وإن لم توجد التوبة . 
والثاني : وهو أنه تعالى حكى عنهم أنهم لما أخبروا عن أنفسهم بأنهم آمنوا ، فعند هذا قالوا : فاغفر لنا ذنوبنا ، والفاء في قوله : ( فاغفر    ) فاء الجزاء ، وهذا يدل على أن مجرد الإيمان سبب لحسن طلب المغفرة من الله ، ثم إن الله تعالى أجابهم إليه بقوله : ( فاستجاب لهم ربهم    ) فدلت هذه الآية على أن مجرد الإيمان سبب لحصول الغفران ، إما من الابتداء وهو بأن يعفو عنهم ولا يدخلهم النار أو بأن يدخلهم النار ويعذبهم مدة ثم يعفو عنهم ويخرجهم من النار ، فثبت دلالة هذه الآية من هذين الوجهين على حصول العفو . 
المسألة الثالثة : احتج أصحابنا بهذه الآية على أن شفاعة محمد  صلى الله عليه وسلم في حق أصحاب الكبائر  مقبولة يوم القيامة ، وذلك لأن هذه الآية دلت على أن هؤلاء المؤمنين طلبوا من الله غفران الذنوب مطلقا من غير أن قيدوا ذلك بالتوبة ، فأجاب الله قولهم وأعطاهم مطلوبهم فإذا قبل شفاعة المؤمنين في العفو عن الذنب ، فلأن يقبل شفاعة محمد  صلى الله عليه وسلم فيه كان أولى . 
النوع الرابع : من دعائهم : 
				
						
						
