( وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام    ) . 
قوله تعالى : ( وبث منهما رجالا كثيرا ونساء    ) . 
وفيه مسائل : 
المسألة الأولى : قال الواحدي    : بث منهما : يريد فرق ونشر ، قال ابن المظفر    : البث تفريقك الأشياء ، يقال : بث الخيل في الغارة وبث الصياد كلابه ، وخلق الله الخلق فبثهم في الأرض ، وبثثت البسط إذا نشرتها ، قال الله تعالى : ( وزرابي مبثوثة    ) [ الغاشية : 16 ] قال الفراء  والزجاج    : وبعض العرب يقول : أبث الله الخلق . 
المسألة الثانية : لم يقل : وبث منهما الرجال والنساء ؛ لأن ذلك يوجب كونهما مبثوثين عن نفسهما وذلك محال ، فلهذا عدل عن هذا اللفظ إلى قوله : ( وبث منهما رجالا كثيرا ونساء    ) . 
فإن قيل : لم لم يقل : وبث منهما رجالا كثيرا ونساء كثيرا ؟ ولم خصص وصف الكثرة بالرجال دون النساء  ؟ 
قلنا : السبب فيه والله أعلم أن شهرة الرجال أتم ، فكانت كثرتهم أظهر ، فلا جرم خصوا بوصف الكثرة ، وهذا كالتنبيه على أن اللائق بحال الرجال الاشتهار والخروج والبروز ، واللائق بحال النساء الاختفاء والخمول . 
المسألة الثالثة : الذين يقولون : إن جميع الأشخاص البشرية كانوا كالذر ، وكانوا مجتمعين في صلب آدم  عليه السلام ، حملوا قوله : ( وبث منهما رجالا كثيرا ونساء    ) على ظاهره ، والذين أنكروا ذلك قالوا : المراد بث منهما أولادهما ومن أولادهما جمعا آخرين ، فكان الكل مضافا إليهما على سبيل المجاز . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					