الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( وسيصلون سعيرا ) وفيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم ( وسيصلون ) بضم الياء ، أي يدخلون النار على ما لم يسم فاعله ، والباقون بفتح الياء قال أبو زيد يقال : صلي الرجل النار يصلاها صلى وصلاء ، وهو صالي النار ، وقوم صالون وصلاء قال تعالى : ( إلا من هو صالي الجحيم ) [ الصافات : 163 ] وقال : ( أولى بها صليا ) ( مريم : 70 ] وقال : ( جهنم يصلونها ) ( إبراهيم : 29 ] قال الفراء : الصلى : اسم الوقود وهو الصلاء إذا كسرت مدت ، وإذا فتحت قصرت ، ومن ضم الياء فهو من قولهم : أصلاه الله حر النار إصلاء . قال : ( فسوف نصليه نارا ) [ النساء : 30 ] وقال تعالى : ( سأصليه سقر ) [ المدثر : 26 ] قال صاحب " الكشاف " : قرئ ( سيصلون ) بضم الياء وتخفيف اللام وتشديدها .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : السعير : هو النار المستعرة يقال : سعرت النار أسعرها سعرا فهي مسعورة وسعير ، والسعير معدول عن مسعورة كما عدل كف خضيب عن مخضوبة ، وإنما قال : ( سعيرا ) ؛ لأن المراد نار من النيران مبهمة لا يعرف غاية شدتها إلا الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : روي أنه لما نزلت هذه الآية ثقل ذلك على الناس فاحترزوا عن مخالطة اليتامى بالكلية ، فصعب الأمر على اليتامى فنزل قوله تعالى : ( وإن تخالطوهم فإخوانكم ) [ البقرة : 220 ] ومن الجهال من قال : صارت هذه الآية منسوخة بتلك ، وهو بعيد ؛ لأن هذه الآية في المنع من الظلم وهذا لا يصير منسوخا ، بل المقصود أن مخالطة أموال اليتامى إن كان على سبيل الظلم فهو من أعظم أبواب الإثم كما في هذه الآية ، وإن كان على سبيل التربية والإحسان فهو من أعظم أبواب البر ، كما في قوله : ( وإن تخالطوهم فإخوانكم ) [ البقرة : 220 ] . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية