الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : القائلون بأن هذه الآية نازلة في الزنا يتوجه عليهم سؤالات :

                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الأول : ما المراد من قوله : ( من نسائكم ) ؟

                                                                                                                                                                                                                                            الجواب فيه وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : المراد ، من زوجاتكم كقوله : ( والذين يظاهرون من نسائهم ) [ المجادلة : 3 ] وقوله : ( من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ) [ النساء : 23 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : من نسائكم ، أي من الحرائر كقوله : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم ) [ البقرة : 282 ] والغرض بيان أنه لا حد على الإماء .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : من نسائكم ، أي من المؤمنات .

                                                                                                                                                                                                                                            ورابعها : من نسائكم ، أي من الثيبات دون الأبكار .

                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الثاني : ما معنى قوله : ( فأمسكوهن في البيوت ) ؟

                                                                                                                                                                                                                                            الجواب : فخلدوهن محبوسات في بيوتكم ، والحكمة فيه أن المرأة إنما تقع في الزنا عند الخروج والبروز ، فإذا حبست في البيت لم تقدر على الزنا ، وإذا استمرت على هذه الحالة تعودت العفاف والفرار عن الزنا .

                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الثالث : ما معنى ( يتوفاهن الموت ) والموت والتوفي بمعنى واحد ، فصار في التقدير : أو يميتهن الموت ؟

                                                                                                                                                                                                                                            الجواب : يجوز أن يراد : حتى يتوفاهن ملائكة الموت ، كقوله : ( الذين تتوفاهم الملائكة ) [ النحل : 28 ] ( قل يتوفاكم ملك الموت ) [ السجدة : 11 ] أو حتى يأخذهن الموت ويستوفي أرواحهن .

                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الرابع : إنكم تفسرون قوله : ( أو يجعل الله لهن سبيلا ) بالحديث وهو قوله عليه الصلاة والسلام : " قد جعل الله لهن سبيلا البكر تجلد والثيب ترجم " وهذا بعيد ؛ لأن هذا السبيل عليها لا لها ، فإن الرجم لا شك أنه أغلظ من الحبس .

                                                                                                                                                                                                                                            والجواب : أن النبي عليه الصلاة والسلام فسر السبيل بذلك فقال : " خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة ، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام " ، ولما فسر الرسول صلى الله عليه وسلم السبيل بذلك وجب القطع بصحته ، وأيضا : له وجه في اللغة ، فإن المخلص من الشيء هو سبيل له ، سواء كان أخف أو أثقل .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية