( أم من يكون عليهم وكيلا  ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما    ) . 
ثم قال تعالى : ( أم من يكون عليهم وكيلا    ) فقوله : ( أم من يكون ) عطف على الاستفهام السابق ، والوكيل : هو الذي وكل إليه الأمر في الحفظ والحماية ، والمعنى : من الذي يكون محافظا ومحاميا لهم من عذاب الله ؟ . 
واعلم أنه تعالى لما ذكر الوعيد في هذا الباب أتبعه بالدعوة إلى التوبة  ، وذكر فيه ثلاثة أنواع من الترغيب . 
فالأول : قوله تعالى : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما    ) . 
والمراد بالسوء : القبيح الذي يسوء به غيره ، كما فعل طعمة  من سرقة الدرع ، ومن رمي اليهودي بالسرقة ، والمراد بظلم النفس : ما يختص به الإنسان كالحلف الكاذب ، وإنما خص ما يتعدى إلى الغير باسم السوء ؛ لأن ذلك يكون في الأكثر إيصالا للضرر إلى الغير ، والضرر سوء حاضر ، فأما الذنب الذي يخص الإنسان فذلك في الأكثر لا يكون ضررا حاضرا ؛ لأن الإنسان لا يوصل الضرر إلى نفسه . 
واعلم أن هذه الآية دالة على حكمين : 
الأول : أن التوبة مقبولة عن جميع الذنوب  سواء كانت كفرا أو قتلا ، عمدا أو غصبا للأموال ؛ لأن قوله : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه    ) عم الكل . 
الثاني : أن ظاهر الآية يقتضي أن مجرد الاستغفار كاف ، وقال بعضهم : أنه مقيد بالتوبة ؛ لأنه لا ينفع الاستغفار مع الإصرار  ، وقوله : ( يجد الله غفورا رحيما    ) معناه : غفورا رحيما له ، وحذف هذا القيد لدلالة الكلام عليه ، فإنه لا معنى للترغيب   [ ص: 31 ] في الاستغفار إلا إذا كان المراد ذلك . 
والنوع الثاني : من الكلمات المرغبة في التوبة : 
				
						
						
