( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به    ) . 
ثم قال تعالى : ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به     ) . وفيه مسائل : 
المسألة الأولى : الأمنية أفعولة من المنية ، وتمام الكلام في هذا اللفظ مذكور في قوله تعالى : ( إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته    ) [الحج : 52] . 
المسألة الثانية : ليس : فعل ، فلا بد من اسم يكون هو مسندا إليه ، وفيه وجوه : 
الأول : ليس الثواب الذي تقدم ذكره والوعد في قوله : ( سندخلهم جنات تجري    ) الآية ، بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب  ، أي   [ ص: 42 ] ليس يستحق بالأماني إنما يستحق بالإيمان والعمل الصالح . 
الثاني : ليس وضع الدين على أمانيكم . 
الثالث : ليس الثواب والعقاب بأمانيكم ، والوجه الأول أولى ؛ لأن إسناد " ليس " إلى ما هو مذكور فيما قبل أولى من إسناده إلى ما هو غير مذكور . 
المسألة الثالثة : الخطاب في قوله : ( ليس بأمانيكم    ) خطاب مع من ؟ فيه قولان : 
الأول : أنه خطاب مع عبدة الأوثان ، وأمانيهم : أن لا يكون هناك حشر ، ولا نشر ، ولا ثواب ، ولا عقاب ، وإن اعترفوا به لكنهم يصفون أصنامهم بأنها شفعاؤهم عند الله ، وأما أماني أهل الكتاب  فهو قولهم : ( لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى    ) [البقرة : 111] . وقولهم : ( نحن أبناء الله وأحباؤه    ) [المائدة : 18] فلا يعذبنا ، وقولهم : ( لن تمسنا النار إلا أياما معدودة    ) [البقرة : 80] . 
القول الثاني : أنه خطاب مع المسلمين ، وأمانيهم أن يغفر لهم وإن ارتكبوا الكبائر ، وليس الأمر كذلك ، فإنه تعالى يخص بالعفو والرحمة من يشاء ، كما قال : ( ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء    ) [النساء : 116] . وروي أنه تفاخر المسلمون وأهل الكتاب  ، فقال أهل الكتاب    : نبينا قبل نبيكم ، وكتابنا قبل كتابكم ، ونحن أولى بالله منكم ، وقال المسلمون : نبينا خاتم النبيين ، وكتابنا ناسخ الكتب ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . 
				
						
						
