( يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما    ) 
قوله تعالى : ( ياأيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما    ) 
اعلم أنه تعالى لما أجاب عن شبهة اليهود  على الوجوه الكثيرة وبين فساد طريقتهم ذكر خطابا عاما يعمهم ويعم غيرهم في الدعوة إلى دين محمد    - عليه الصلاة والسلام    - فقال : ( يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم    ) وهذا الحق فيه وجهان : 
الأول : أنه جاء بالقرآن ، والقرآن معجز فيلزم أنه جاء بالحق من ربه . 
والثاني : أنه جاء بالدعوة إلى عبادة الله والإعراض عن غيره ، والعقل يدل على أن هذا هو الحق ، فيلزم أنه جاء بالحق من ربه . 
ثم قال تعالى : ( فآمنوا خيرا لكم    ) يعني : فآمنوا يكن ذلك الإيمان خيرا لكم مما أنتم فيه ، أي : أحمد عاقبة من الكفر ، وإن تكفروا فإن الله غني عن إيمانكم لأنه مالك السماوات والأرض وخالقهما ، ومن كان كذلك لم يكن محتاجا إلى شيء ، ويحتمل أن يكون المراد : فإن لله ما في السماوات والأرض ، ومن كان كذلك كان قادرا على إنزال العذاب الشديد عليكم لو كفرتم ، ويحتمل أن يكون المراد : أنكم إن كفرتم فله ملك السماوات والأرض وله عبيد يعبدونه وينقادون لأمره وحكمه . 
ثم قال تعالى : ( وكان الله عليما حكيما    ) أي : عليما لا يخفى عليه من أعمال عباده المؤمنين والكافرين شيء ، و ( حكيما ) لا يضيع عمل عامل منهم ولا يسوي بين المؤمن والكافر والمسيء والمحسن ، وهو كقوله ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار    ) [ص : 28] . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					