[ ص: 52 ] أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=16لهم فيها ما يشاءون خالدين ) فهو نظير قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=31ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ) [فصلت : 31] وفيه مسائل :
المسألة الأولى : لقائل أن يقول : أهل الدرجات النازلة إذا شاهدوا الدرجات العالية لا بد وأن يريدوها ، فإذا سألوها ربهم ، فإن أعطاهم إياها لم يبق بين الناقص والكامل تفاوت في الدرجة ، وإن لم يعطها قدح ذلك في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=16لهم فيها ما يشاءون ) وأيضا فالأب إذا كان ولده في درجات النيران وأشد العذاب إذا اشتهى أن يخلصه الله تعالى من ذلك العذاب فلا بد وأن يسأل ربه أن يخلصه منه ، فإن فعل الله تعالى ذلك قدح في أن عذاب الكافر مخلد ، وإن لم يفعل قدح ذلك في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=31ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ) [ فصلت : 31 ] وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=16لهم ما يشاءون فيها ) [ ق : 35 ] ، وجوابه : أن الله تعالى يزيل ذلك الخاطر عن قلوب أهل الجنة ، بل يكون اشتغال كل واحد منهم بما فيه من اللذات شاغلا عن الالتفات إلى حال غيره .
المسألة الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=30386_19889شرط نعيم الجنة أن يكون دائما ؛ إذ لو انقطع لكان مشوبا بضرب من الغم ، ولذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=15155المتنبي :
أشد الغم عندي في سرور تيقن عنه صاحبه انتقالا
ولذلك اعتبر الخلود فيه فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=16لهم فيها ما يشاءون خالدين ) .
المسألة الثالثة : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=16لهم فيها ما يشاءون ) كالتنبيه على أن حصول المرادات بأسرها لا يكون إلا في الجنة ، فأما في غيرها فلا يحصل ذلك ، بل لا بد في الدنيا من أن تكون راحاتها مشوبة بالجراحات ، ولذلك قال عليه السلام :
من طلب ما لم يخلق أتعب نفسه ولم يرزق ، فقيل : وما هو يا رسول الله ؟ فقال : سرور يوم .
[ ص: 52 ] أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=16لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ ) فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=31وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ ) [فُصِّلَتْ : 31] وَفِيهِ مَسَائِلُ :
المسألة الْأُولَى : لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ : أَهْلُ الدَّرَجَاتِ النَّازِلَةِ إِذَا شَاهَدُوا الدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةَ لَا بُدَّ وَأَنْ يُرِيدُوهَا ، فَإِذَا سَأَلُوهَا رَبَّهُمْ ، فَإِنْ أَعْطَاهُمْ إِيَّاهَا لَمْ يَبْقَ بَيْنَ النَّاقِصِ وَالْكَامِلِ تَفَاوُتٌ فِي الدَّرَجَةِ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا قَدَحَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=16لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ ) وَأَيْضًا فَالْأَبُ إِذَا كَانَ وَلَدُهُ فِي دَرَجَاتِ النِّيرَانِ وَأَشَدُّ الْعَذَابِ إِذَا اشْتَهَى أَنْ يُخَلِّصَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ الْعَذَابِ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنْهُ ، فَإِنْ فَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ قَدَحَ فِي أَنَّ عَذَابَ الْكَافِرِ مُخَلَّدٌ ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَدَحَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=31وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ ) [ فُصِّلَتْ : 31 ] وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=16لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا ) [ ق : 35 ] ، وَجَوَابُهُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُزِيلُ ذَلِكَ الْخَاطِرَ عَنْ قُلُوبِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، بَلْ يَكُونُ اشْتِغَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ اللَّذَّاتِ شَاغِلًا عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى حَالِ غَيْرِهِ .
المسألة الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=30386_19889شَرْطُ نَعِيمِ الْجَنَّةِ أَنْ يَكُونَ دَائِمًا ؛ إِذْ لَوِ انْقَطَعَ لَكَانَ مَشُوبًا بِضَرْبٍ مِنَ الْغَمِّ ، وَلِذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15155الْمُتَنَبِّي :
أَشَدُّ الْغَمِّ عِنْدِي فِي سُرُورٍ تَيَقَّنَ عَنْهُ صَاحِبُهُ انْتِقَالَا
وَلِذَلِكَ اعْتَبَرَ الْخُلُودَ فِيهِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=16لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ ) .
المسألة الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=16لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ ) كَالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ حُصُولَ الْمُرَادَاتِ بِأَسْرِهَا لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْجَنَّةِ ، فَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ ، بَلْ لَا بُدَّ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَنْ تَكُونَ رَاحَاتُهَا مَشُوبَةً بِالْجِرَاحَاتِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
مَنْ طَلَبَ مَا لَمْ يُخْلَقْ أَتْعَبَ نَفْسَهُ وَلَمْ يُرْزَقْ ، فَقِيلَ : وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : سُرُورُ يَوْمٍ .