الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6261 ) فصل : وذكر بعض أهل العلم ، أن الفرقة إنما حصلت باللعان ; لأن لعنة الله وغضبه قد وقع بأحدهما لتلاعنهما ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال عند الخامسة : { إنها الموجبة } . أي إنها توجب لعنة الله وغضبه ، ولا نعلم من هو منهما يقينا ، ففرقنا بينهما خشية أن يكون هو الملعون ، فيعلو امرأة غير ملعونة ، وهذا لا يجوز ، كما لا يجوز أن يعلو المسلمة كافر ، ويمكن أن يقال على هذا : لو كان هذا الاحتمال مانعا من دوام نكاحهما ، لمنعه من نكاح غيرها ، فإن هذا الاحتمال متحقق فيه .

                                                                                                                                            ويحتمل أن يكون الموجب للفرقة وقوع اللعنة والغضب بأحدهما غير معين ، فيفضي إلى علو ملعون لغير ملعونة ، أو إلى إمساكه لملعونة مغضوب عليها . ويحتمل أن سبب الفرقة النفرة الحاصلة من إساءة كل واحد منهما إلى صاحبه ، فإن الرجل إن كان صادقا ، فقد أشاع فاحشتها ، وفضحها على رءوس الأشهاد ، وأقامها مقام خزي ، وحقق عليها اللعنة والغضب ، وقطع نسب ولدها ، وإن كان كاذبا ، فقد أضاف إلى ذلك بهتها وقذفها بهذه الفرية العظيمة ، والمرأة إن كانت صادقة ، فقد أكذبته على رءوس الأشهاد ، وأوجبت عليه لعنة الله ، وإن كانت كاذبة ، فقد أفسدت فراشه ، وخانته في نفسها ، وألزمته العار والفضيحة ، وأحوجته إلى هذا المقام المخزي ، فحصل لكل واحد منهما نفرة من صاحبه ، لما حصل إليه من إساءة لا يكاد يلتئم لهما معها حال ، فاقتضت حكمة الشارع انحتام الفرقة بينهما ، وإزالة الصحبة المتمحضة مفسدة ، ولأنه إن كان كاذبا عليها ، فلا ينبغي أن يسلط على إمساكها ، مع ما صنع من القبيح إليها ، وإن كان صادقا ، فلا ينبغي أن يمسكها مع علمه بحالها ، ولهذا قال العجلاني : كذبت عليها إن أمسكتها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية