( 6313 ) مسألة قال : والأمة شهران اختلفت الروايات عن في أبي عبد الله فأكثر الروايات عنه ، أنها شهران . رواه عنه جماعة من أصحابه ، واحتج فيه بقول عدة الأمة ، رضي الله عنه : عدة أم الولد حيضتان ، ولو لم تحض كان عدتها شهرين . رواه عمر عنه بإسناده . وهذا قول الأثرم ، عطاء والزهري وإسحاق وأحد قولي لأن الأشهر بدل من القروء ، وعدة ذات القروء قرءان ، فبدلهما شهران ، ولأنها معتدة بالشهور عن غير الوفاة ، فكان عددها كعدد القروء ، لو كانت ذات قروء ، كالحرة . والرواية الثانية ، أن عدتها شهر ونصف . نقلها الشافعي ، الميموني ، واختارها والأثرم أبو بكر . وهذا قول رضي الله عنه وروي ذلك عن علي ابن عمر وابن المسيب وسالم والشعبي وأصحاب الرأي . والثوري
وهو قول ثان ; لأن عدة الأمة نصف عدة الحرة ، وعدة الحرة ثلاثة أشهر ، فنصفها شهر ونصف ، وإنما كملنا لذات الحيض حيضتين ، لتعذر تبعيض الحيضة ، فإذا صرنا إلى الشهور ، أمكن التنصيف ، فوجب المصير إليه ، كما في عدة الوفاة ، ويصير هذا كالمحرم ، إذا وجب عليه في جزاء الصيد نصف مد ، أجزأه إخراجه ، فإن أراد الصيام مكانه ، صام يوما كاملا . ولأنها عدة أمكن تنصيفها ، فكانت على النصف من عدة الحرة ، كعدة الوفاة ، ولأنها معتدة بالشهور فكانت على النصف من عدة الحرة كالمتوفى عنها زوجها . للشافعي
والرواية الثالثة ، أن عدتها ثلاثة أشهر ، وروي ذلك عن الحسن ومجاهد وعمر بن عبد العزيز والنخعي ويحيى الأنصاري وربيعة ، وهو القول الثالث ومالك لعموم قوله تعالى { للشافعي فعدتهن ثلاثة أشهر . } . ولأنه استبراء للأمة الآيسة بالشهور ، فكان ثلاثة أشهر ، كاستبراء الأمة إذا ملكها ، أو مات سيدها ، ولأن اعتبار الشهور هاهنا للعلم ببراءة رحمها ، ولا يحصل هذا بدون ثلاثة أشهر في الحرة والأمة جميعا ، لأن الحمل يكون نطفة أربعين يوما ، وعلقة أربعين يوما ، ثم يصير مضغة ، ثم يتحرك ، ويعلو بطن المرأة ، فيظهر الحمل ، وهذا معنى لا يختلف بالرق والحرية ، ولذلك كان استبراء الأمة في حق سيدها ثلاثة أشهر .
ومن رد هذه الرواية قال : هي مخالفة لإجماع الصحابة ; لأنهم اختلفوا على القولين الأولين ، ومتى اختلف الصحابة على قولين ، لم يجز إحداث قول ثالث ; لأنه يفضي إلى تخطئتهم ، وخروج الحق عن قول جميعهم ، ولا يجوز ذلك ، ولأنها معتدة لغير الحمل ، فكانت دون عدة الحرة ، كذات القروء المتوفى عنها زوجها .