الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6744 ) فصل : ولو قطع أنملة رجل العليا ، ثم قطع أنملة آخر الوسطى ، ثم قطع السفلى من ثالث ، فللأول القصاص من العليا ، ثم للثاني أن يقتص من الوسطى ، ثم للثالث أن يقتص من السفلى ، سواء جاءوا دفعة واحدة ، أو واحدا بعد واحد . وبهذا قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : لا قصاص إلا في العليا ; لأنه لم يجب في غيرها حال الجناية ، لتعذر استيفائه ، فلم يجب بعد ذلك كما لو كان غير مكافئ حال الجناية ، ثم صار مكافئا بعده . ولنا ، أن تعذر القصاص لاتصال محله بغيره لا يمنعه إذا زال الاتصال ، كما لو جنت الحامل .

                                                                                                                                            ويفارق عدم التكافؤ ; لأنه تعذر لمعنى فيه ، وها هنا تعذر لاتصال غيره به . فأما إن جاء صاحب الوسطى أو السفلى يطلب القصاص قبل صاحب العليا ، لم يعطه ; لأن في استيفائه إتلاف أنملة لا يستحقها ، وقيل لهما : إما أن تصبرا حتى تعلما ما يكون من الأول ، فإن اقتص فلكما القصاص ، وإن عفا فلا قصاص لكما ، وإما أن ترضيا بالعقل . فإذا جاء صاحب العليا فاقتص ، فللثاني الاقتصاص ، وحكم الثالث مع الثاني كحكم الثاني مع الأول ، وإن عفا ، فلهما العقل ، فإن قالا : نحن نصبر وننظر بالقصاص أن تسقط العليا بمرض أو نحوه ، ثم نقتص . لم يمنعا من ذلك . وإن قطع صاحب الوسطى الوسطى والعليا ، فعليه دية العليا ، تدفع إلى صاحب العليا .

                                                                                                                                            وإن قطع الإصبع كلها ، فعليه القصاص في الأنملة الثالثة ، وعليه أرش العليا للأول ، وأرش السفلى على الجاني لصاحبها ، وإن عفا الجاني عن قصاصها ، وجب أرشها ، يدفعه إليه ، ليدفعه إلى المجني عليه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية