الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7165 ) فصل : فإن وطئ جارية غيره ، فهو زان . سواء كان بإذنه أو غير إذنه ; لأن هذا مما لا يستباح بالبذل والإباحة ، وعليه الحد إلا في موضعين ; أحدهما ، الأب إذا وطئ جارية ولده ، فإنه لا حد عليه . في قول أكثر أهل العلم ; منهم مالك ، وأهل المدينة ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأصحاب الرأي . وقال أبو ثور ، وابن المنذر : عليه الحد ، إلا أن يمنع منه إجماع ; لأنه وطء في غير ملك ، أشبه وطء جارية أبيه . ولنا ، أنه وطء تمكنت الشبهة منه ، فلا يجب به الحد ، كوطء الجارية المشتركة ، والدليل على تمكن الشبهة قول النبي صلى الله عليه وسلم : { أنت ومالك لأبيك } . فأضاف مال ولده إليه ، وجعله له ، فإذا لم تثبت حقيقة الملك ، فلا أقل من جعله شبهة دارئة للحد الذي يندرئ بالشبهات ، ولأن القائلين بانتفاء الحد في عصر مالك ، والأوزاعي ، ومن وافقهما ، قد اشتهر قولهم ، ولم يعرف لهم مخالف ، فكان ذلك إجماعا ، ولا حد على الجارية ; لأن الحد انتفى عن الواطئ لشبهة الملك ، فينتفي عن الموطوءة ، كوطء الجارية المشتركة ; ولأن الملك من قبيل المتضايفات ، إذا ثبت في أحد المتضايفين ثبت في الآخر ، فكذلك شبهته ، ولا يصح القياس على وطء جارية الأب ; لأنه لا ملك للولد فيها ، ولا شبهة ملك ، بخلاف مسألتنا . وذكر ابن أبي موسى قولا في وطء جارية الأب والأم ، أنه لا يحد ; لأنه لا يقطع بسرقة ماله ، أشبه الأب . والأول أصح ، وعليه عامة أهل العلم فيما علمناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية