الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( قال الشيخ ومن غضب فقال ما نحن مسلمون إن أراد ذم نفسه لنقص دينه فلا حرج فيه ولا عقوبة انتهى ويعزر بعشرين سوطا بشرب مسكر في نهار رمضان يفطره كما يدل عليه تعليلهم مع الحد فيجتمع الحد والتعزير في هذه الصورة ) لما روى أحمد بإسناده " أن عليا أتي بالنجاشي قد شرب [ ص: 123 ] خمرا في رمضان فجلده ثمانين سوطا الحد وعشرين لفطره في رمضان وإنما جمع بينهما لجنايته من وجهين .

                                                                                                                      ( ولو توجه عليه تعزيرات على معاص شتى فإن تمحضت لله ) تعالى ( واتحد نوعها ) كأن قبل أجنبية مرارا ( أو اختلف ) نوعها بأن قبل أجنبية ولمس أخرى قصدا ( تداخلت ) وكفاه تعزير واحد كما تقدم في حد الزنا ( وإن كانت ) التعزيرات ( لآدمي وتعددت كأن سبه مرات ولو اختلف نوعها ) أي السبات ( أو تعدد المستحق ) بالتعزير كسب أهل بلد ( فكذلك ) أي تداخلت لأن القصد التأديب وردعه وظاهره ولو بكلمات ( ومن وطئ أمة امرأته فعليه الحد ) لحديث النعمان بن بشير ، ولأنه وطئ في فرج من غير عقد ولا ملك فوجب عليه الحد كوطء أمة غير مزوجة ( إلا أن تكون أحلتها له فيجلد مائة ولا يرجم ولا يغرب ) .

                                                                                                                      لما روى أحمد وأبو داود وغيرهما : عن حبيب بن سالم : { أن رجلا يقال له عبد الرحمن بن حنين وقع على جارية امرأته فرفع إلى النعمان بن بشير وهو أمير على الكوفة فقال : لأقضين فيك بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كانت أحلتها لك جلدتك مائة وإن لم تكن أحلتها لك رجمتك بالحجارة فوجدها أحلتها له فجلده مائة } ( وإن أولدها ) أي أمة زوجته ( لم يلحقه نسبه ) لأنه وطء في غير ملك ولا شبهة كزناه بغيرها ( ولا يسقط الحد بالإباحة في غير هذا الموضع ) لعموم النصوص الدالة على وجوب الحد على الزاني وإنما سقط هنا أي في إباحة المرأة أمتها لزوجها لحديث النعمان المذكور ( ولا يزاد في التعزير على عشر جلدات ) لحديث أبي بردة مرفوعا : { لا يجلد أحد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله تعالى } متفق عليه ( في غير هذا الموضع ) أي إباحة الزوجة أمتها لزوجها وأيضا ما تقدم فيمن شرب مسكرا في نهار رمضان لورود الأثر فيكون مخصصا ( إلا إذا وطئ جارية مشتركة فيعزر بمائة إلا سوطا ) لما روى الأثرم عن سعيد بن المسيب " إن عمر قال في أمة بين رجلين وطئها أحدهما يجلد الحد إلا سوطا " واحتج به أحمد ( وعنه ما كان ) من التعازير ( سببه الوطء كوطئه جاريته المزوجة و ) وطء ( جارية ولده أو جارية أحد أبويه والمحرمة برضاع ووطء ميتة ونحو ذلك عالما بتحريمه إذا قلنا لا يحد فيهن يعزر بمائة ) لما سبق من حديث النعمان في وطء جارية امرأته بإذنها فيتعدى إلى وطء أمته المشتركة المزوجة لأنها في معناها .

                                                                                                                      ( و ) يعزر [ ص: 124 ] ( العبد ) في ذلك ( بخمسين إلا سوطا ) قاله في المبدع وغيره لأنه على النصف من الحر ( واختاره جماعة ) وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرها قال في الفروع : وهي أشهر عند جماعة ذكره في الإنصاف ( وكذا لو وجد مع امرأته رجلا ) من غير زنا بها في رواية نقلها يعقوب وجزم بها في المذهب والمحرر وغيرهما واحتج بأن عليا وجد رجلا مع امرأة في لحافها فضربه بمائة ذكره في المبدع .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية