الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإن تنازعا حائطا معقودا ببناء أحدهما وحده أو ) تنازعا حائطا ( له ) أي لأحدهما وحده ( عليه أزج وهو ضرب من البناء ويقال له طاق ) ابن المنجا : هو القبو ( أو ) تنازعا حائطا ( له ) أي لأحدهما وحده ( عليه بناء كحائط مبني عليه ) أي الحائط المتنازع فيه ( أو ) له عليه بناء ك ( عقد معتمد عليه ) أي على الحائط المتنازع فيه ( أو قبة أو له عليه سترة مبنية ونحو هذا فهو ) أي الحائط ( له ) أي لصاحب ذلك البناء المعقود عليه والمتصل به الاتصال الذي لا يمكن إحداثه عملا بالظاهر ويحلف من حكم له به لأن ذلك الظاهر ليس بيقين إذ يحتمل أن يكون أحدهما بنى الحائط لصاحبه متبرعا مع حائطه أو كان له فوهبه له فوهبه إياه أو باعه له أو بناه بأجرة فوجبت اليمين للاحتمال كما وجبت في حق صاحب اليد .

                                                                                                                      ( وإن كان ) الحائط المتنازع فيه ( معقودا ببنائه ) أي بناء أحدهما [ ص: 387 ] ( عقدا يمكن إحداثه كالبناء باللبن والآجر فإنه يمكن أن ينزع من الحائط المبني نصف لبنة أو ) نصف ( آجرة ويجعل مكانها لبنة صحيحة أو آجرة صحيحة تعقد بين الحائطين لم يرجح ) صاحب البناء المعقود ( به ) أي بسبب بنائه المعقود لاحتمال الإحداث .

                                                                                                                      ( وإن كان ) الحائط ( محلولا من بنائهما أي غير متصل ببنائهما بل ) كان ( بينهما شق مستطيل كما يكون بين الحائطين اللذين ألصق أحدهما بالآخر أو ) كان الحائط ( شركا بينهما ) أي ببناء الاثنين ( وهو ) أي الحائط ( بينهما ) نصفين لأن يدهما عليه فلكل واحد يده على نصفه ( ويتحالفان فيحلف كل واحد ) منهما ( للآخر أن نصفه له ) دفعا للاحتمال .

                                                                                                                      ( وإن حلف كل واحد منهما على جميع الحائط أنه ) كله ( له جاز ) إن لم يكن ذلك قادحا في الحلف ، ويقرع بينهما إن تشاحا في المبتدئ باليمين .

                                                                                                                      وفي البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض على قوم اليمين فأسرعوا فأمر أن يقرع بينهم في اليمين أيهم يحلف " قال ابن هبيرة هذا فيمن تساووا في سبب الاستحلاف لكون الشيء في يد مدعيه ويريد يحلف ويستحقه .

                                                                                                                      ( وإن كان لأحدهما بينة حكم له بها ) لترجحه بالبينة ( وإن كان لكل واحد منهما بينة تعارضتا ) لتساويهما وعدم المرجح ( وصارا كمن لا بينة لهما ) فيتحالفان ويتناصفانه ( فإن لم يكن لهما بينة ) عملت أو كان لكل منهما بينة وتعارضتا كما يدل عليه ما قبله ( ونكلا عن اليمين كان الحائط في أيديهما على ما كان ) قبل التداعي لعدم ما يوجب رفع يد أحدهما .

                                                                                                                      ( وإن حلف أحدهما ونكل الآخر ) عن اليمين ( قضى على الناكل ) بنكوله ( ولا ترجح الدعوى بوضع خشب أحدهما عليه ) أي على الحائط المتنازع فيه لأنه مما يسمح به الجار ، وورد الخبر بالنهي عن المنع منه وللجار وضعه قهرا بشرطه كما تقدم فلا ترجح به الدعوى كإسناد متاعه إليه ( ولا ) ترجح الدعوى أيضا ( ب ) كون ( وجوه آجر أو حجارة مما يلي أحدهما ) ولا يكون الآجرة الصحيحة مما يليه وقطع الآجر ملك الآخر .

                                                                                                                      ( و ) لا ( بالتزويق والتجصيص ولا بسترة عليه غير مبنية لأنه ) أي ما ذكر ( مما يتسامح به ) عادة ( ويمكن إحداثه ولا ) ترجح الدعوى أيضا ( بمعاقد القمط في الخص أي عقد الخيوط التي تشد الخص وهو بيت يعمل من خشب وقصب ) لأن وجوه الآجر ومعاقد القمط إذا كانا شريكين في الجدار أو الخص لا بد أن تكون إلى أحدهما إذ لا يمكن أن تكون إليها جميعا فبطلت دلالته ، ولأن التزويق والتجصيص مما يمكن إحداثه فلا ترجيح [ ص: 388 ] به .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية