الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : ويجوز أن يدفع صدقة الفطر إلى أهل الذمة وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى ثلاث روايات في رواية قال : كل صدقة مذكورة في القرآن لا يجوز دفعها إلى أهل الذمة فعلى هذه الرواية يجوز دفع صدقة الفطر إليهم ، وفي رواية قال : كل صدقة واجبة بإيجاب الشرع ابتداء من غير سبب من العبد لا يجوز دفعها إلى أهل الذمة فعلى هذا لا يجوز دفع صدقة الفطر إليهم ، ويجوز دفع الكفارات والنذور إليهم وفي رواية قال : كل صدقة هي واجبة لا يجوز دفعها إليهم فعلى هذا لا يجوز دفع الكفارات وإنما يجوز دفع التطوعات والشافعي رحمه الله تعالى يقيس هذا بزكاة المال بعلة أنها صدقة واجبة فإن الصدقة المالية صلة واجبة للمحاويج المناسبين له في الملة فلا يملك صرفها إلى غيرهم والمقصود منه أن يتقوى به على الطاعة ، ويتفرغ عن السؤال لإقامة صلاة العيد ، ولا يحصل هذا المقصود بالصرف إلى أهل الذمة كما لا يحصل بالصرف إلي المستأمنين فكما لا يجوز صرفها إليهم فكذلك إلى أهل الذمة .

( ولنا ) أن المقصود سد خلة المحتاج ، ودفع حاجته بفعل هو قربة من المؤدي وهذا المقصود حاصل بالصرف إلى أهل الذمة فإن التصدق عليهم قربة بدليل التطوعات ; لأنا لم ننه عن المبرة لمن لا يقاتلنا قال الله تعالى : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين } الآية بخلاف المستأمن فإنه مقاتل وقد نهينا عن المبرة مع من يقاتلنا قال الله تعالى : { إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين } الآية ، والقياس أن يجوز صرف الزكاة إليهم إنما تركنا القياس فيه بالنص ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ { خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم } والمراد به الزكاة لا صدقة الفطر والكفارات إذ ليس للساعي فيها ولاية الأخذ فبقي على أصل القياس .

( قال ) : وفقراء المسلمين أحب إلي ; لأنه أبعد عن الخلاف ; ولأنهم يتقوون بها على الطاعة وعبادة الرحمن ، والذمي يتقوى بها على عبادة الشيطان .

التالي السابق


الخدمات العلمية