الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
أمة مأذون لها في التجارة عليها دين فولدت ولدا وكاتب السيد الولد فللغرماء أن يردوا ذلك إن لم يكن بالأم وفاء بالدين ; لأن حقهم تعلق بمالية الولد حتى يباع به في ديونهم ، وفي الكتابة إبطال ذلك الحق عليهم ، وإن كان فيها وفاء جازت الكتابة ; لأن حقهم يصل إليهم من مالية الأم ببيعها في ديونهم وهذا ; لأن الأم أصل ، والولد تبع وإذا كان في الأصل وفاء بالدين لم يكن شيء من التبع مشغولا بالدين ، ألا ترى أنه إذا كان في كسبها وفاء بالدين لا تباع رقبتها فيه فكذلك إذا كان فيها وفاء بالدين لا يباع ولدها فيه فلهذا جازت الكتابة فإن أعتق السيد الولد كان لهم أن يضمنوه قيمته إذا لم يكن في الأم وفاء بالدين ; لأن حقهم تعلق بماليته عند عدم الوفاء في الأم ، وقد أتلف ذلك عليهم بالإعتاق فيضمن لهم قيمته كما لو أعتق الأم فإن كان السيد معسرا فلهم أن يستسعوا الابن فيما بقي من الدين ; لأن حقهم كان متعلقا بماليته وقد احتبس ذلك عنده بالعتق فكان لهم أن يستسعوه في الأقل من قيمته ، ومما بقي من الدين ، وإن كانت الأم عليها دين فولدت ولدا فشب الولد وباع واشترى ولزمه دين ثم جاء الغرماء الأولون فردوا المكاتبة فقد بطلت المكاتبة بردهم لقيام حقهم في مالية الأم تباع الأم لغرمائها ويباع الولد لغرمائه خاصة دون غرماء أمه ; لأن دينه في ذمته وقد تعلق بماليته فهو آكد من دين غرماء الأم إذ ليس في ذمته من ديونهم شيء ألا ترى أن دين العبد ودين المولى إذا اجتمعا في مالية العبد بعد موت المولى يقدم دينه على دين المولى .

( فإن قيل ) هناك دينه أسبق تعلقا بماليته وهنا دين غرماء الأم أسبق تعلقا بمالية الولد ( قلنا ) الترجيح بالسبق إنما يكون بعد المساواة في القوة وقد بينا أن دين الولد أقوى حتى يبقى كله بعد العتق ، والضعيف لا يظهر في مقابلة القوي ولا معنى للترجيح بالسبق مع التفاوت في القوة والضعف وكذلك إن لم يكن كاتب الأم ولكنه أذن للولد في التجارة ; لأن بالإذن يتعلق دينه بمالية رقبته كما يتعلق بثبوت حكم الكتابة فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية