الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو كاتبه في صحته على ألف درهم وقيمته خمسمائة ، ثم أعتقه في مرضه ، ثم مات ولم يقبض شيئا فإنه يسعى في ثلثي قيمته ; لأن مال المولى في مرضه الأقل من قيمته ومن بدل الكتابة فإن ما زاد على الأقل غير متيقن بأنه له ، ألا ترى أنه يتمكن من أن يعجز نفسه فلا يكون حقه إلا في القيمة فلهذا يعتبر الثلث ، والثلثان في الأقل وهو قيمته فعليه أن يسعى في ثلثي قيمته ولأن إعتاقه إياه إبطال للكتابة ; لأن الإعتاق المبتدأ في حق المولى غير المعتق بجهة الكتابة وإذا كان هذا إبطالا للكتابة جعل كأنه لم يكاتبه وكذلك إن وهب جميع ما عليه من الكتابة في مرضه وهو حر ويسعى في ثلثي قيمته ; لأن مال المولى هو الأقل فإنما يعتبر تبرعه بالهبة من الثلث فيما يعلم أنه حقه وهو الأقل ، وفي الكتاب قال إنه متى [ ص: 69 ] أدى ثلثي قيمته عتق ، وإن كان على المكاتبة في قول يعقوب ومراده قول يعقوب في أنه إذا كان لعتقه وجهان سعى في الأقل ما يلزمه من جهة السعاية ، ومن جهة المكاتبة ولا يخير بينهما ; لأن التخيير بين القليل ، والكثير في الجنس الواحد غير مفيد .

وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا كاتبه في صحته ، ثم أعتقه في مرضه فهو بالخيار إن شاء سعى في ثلثي قيمته ، وإن شاء سعى في ثلثي ما عليه ، وقد بينا هذا في كتاب العتاق ، وإنكان المولى قد قبض منه قبل ذلك خمسمائة ، ثم أعتقه في مرضه سعى في ثلثي قيمته ولم يحتسب له شيء مما أدى قبل ذلك ; لأنه لما عتق بالإعتاق المبتدأ بطل حكم الكتابة في حق المولى فما أدى قبل ذلك ; لأنه كسب عبده فيكون سالما له غير محسوب مما عليه من السعاية وهذا عندهما وكذلك عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن اختار فسخ الكتابة ، والسعاية في ثلثي قيمته .

التالي السابق


الخدمات العلمية