والنوع الثالث
nindex.php?page=treesubj&link=16470_16472يمين اللغو فنفي المؤاخذة بها منصوص في القرآن قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89 : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } ، واختلف العلماء في صورتها فعندنا صورتها أن يحلف على أمر في الماضي أو في الحال ، وهو يرى أنه حق ، ثم ظهر خلافه وهو مروي عن
زرارة بن أبي أوفى ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في إحدى الروايتين ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله قال : هو قول الرجل في كلامه لا والله بلى والله ، وهو قريب من قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله تعالى عنه فإن
nindex.php?page=showalam&ids=13790عنده اللغو
[ ص: 130 ] ما يجري على اللسان من غير قصد في الماضي كان أو في المستقبل ، وهو إحدى الروايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : اليمين اللغو يمين الغضب .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80429أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في تفسير اللغو : قول الرجل لا والله بلى والله } وهو قول
عائشة رضي الله عنها ، وتأويله عندنا فيما يكون خبرا عن الماضي فإن اللغو ما يكون خاليا عن الفائدة ، والخبر الماضي خال من فائدة اليمين على ما قررنا فكان لغوا ، فأما الخبر في المستقبل عدم القصد لا يعدم فائدة اليمين ، وقد ورد الشرع بأن
nindex.php?page=treesubj&link=16471_16472_16351الهزل والجد في اليمين سواء {
، ولما أخذ المشركون nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، واستحلفوه أن لا ينصر محمدا صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم : أوف لهم بعهودهم ، ونحن نستعين بالله عليهم } . والمكره غير قاصد ، ومع ذلك أمره بالوفاء به ، فدل أن عدم القصد لا يمنع انعقاد اليمين ممن هو من أهله ، وتأويل قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19568 : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان } رفع الأثم . ومن السلف من قال : اللغو هو اليمين المكفرة وهذا باطل فإن الله تعالى عطف اليمين التي فيها الكفارة على اللغو ، والشيء لا يعطف على نفسه ، ومنهم من يقول : يمين اللغو اليمين على المعصية . وقال بعضهم : لا كفارة فيها وقال بعضهم هي محبطة بالكفارة أي لا مؤاخذة فيها بعد الكفارة ، وهذا أيضا فاسد فإن كون الفعل معصية لا يمنع عقد اليمين عليه ، ولا يخرجه عن كونه سببا للكفارة كالظهار ، فإنه منكر من القول وزور ، ثم كان موجبا للكفارة عند العود ، وهذا النوع لا يتحقق إلا في اليمين بالله تعالى فأما في الشرط والجزاء لا يتحقق اللغو ، هكذا ذكره
ابن رستم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمهما الله تعالى لأن عدم القصد لا يمنع وقوع الطلاق والعتاق ( فإن قيل ) فما معنى تعليق
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله تعالى نفي المؤاخذة في هذا النوع من الرجاء بقوله : نرجو أن لا يؤاخذ الله تعالى بها صاحبها ، وعدم المؤاخذة في اليمين اللغو منصوص عليه ، وما عرف بالنص فهو مقطوع به .
( قلنا ) : نعم ولكن صورة تلك اليمين مختلف فيها ، فإنما علق بالرجاء نفي المؤاخذة في اللغو بالصورة التي ذكرها ، وذلك غير معلوم بالنص ، مع أنه لم يرد بهذا اللفظ التعليق بالرجاء ، إنما أراد به التعظيم والتبرك بذكر اسم الله تعالى كما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مر بالمقابر قال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80431 : السلام عليكم ديار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون . } وما ذكر الاستثناء بمعنى الشك فإنه كان متيقنا بالموت ، وقد قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=30 : إنك ميت وإنهم ميتون } ولكن معنى ذكر الاستثناء
[ ص: 131 ] ما ذكرنا .
وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ
nindex.php?page=treesubj&link=16470_16472يَمِينُ اللَّغْوِ فَنَفْيُ الْمُؤَاخَذَةِ بِهَا مَنْصُوصٌ فِي الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89 : لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ } ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صُورَتِهَا فَعِنْدَنَا صُورَتُهَا أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمَاضِي أَوْ فِي الْحَالِ ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ حَقٌّ ، ثُمَّ ظَهَرَ خِلَافُهُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ
زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ : هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ فِي كَلَامِهِ لَا وَاَللَّهِ بَلَى وَاَللَّهِ ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790عِنْدَهُ اللَّغْوَ
[ ص: 130 ] مَا يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فِي الْمَاضِي كَانَ أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : الْيَمِينُ اللَّغْوُ يَمِينُ الْغَضَبِ .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80429أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي تَفْسِيرِ اللَّغْوِ : قَوْلُ الرَّجُلِ لَا وَاَللَّهِ بَلَى وَاَللَّهِ } وَهُوَ قَوْلُ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَتَأْوِيلُهُ عِنْدَنَا فِيمَا يَكُونُ خَبَرًا عَنْ الْمَاضِي فَإِنَّ اللَّغْوَ مَا يَكُونُ خَالِيًا عَنْ الْفَائِدَةِ ، وَالْخَبَرُ الْمَاضِي خَالٍ مِنْ فَائِدَةِ الْيَمِينِ عَلَى مَا قَرَّرْنَا فَكَانَ لَغْوًا ، فَأَمَّا الْخَبَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَدَمُ الْقَصْدِ لَا يَعْدَمُ فَائِدَةَ الْيَمِينِ ، وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16471_16472_16351الْهَزْلَ وَالْجَدَّ فِي الْيَمِينِ سَوَاءٌ {
، وَلَمَّا أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَاسْتَحْلَفُوهُ أَنْ لَا يَنْصُرَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْفِ لَهُمْ بِعُهُودِهِمْ ، وَنَحْنُ نَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ عَلَيْهِمْ } . وَالْمُكْرَهُ غَيْرُ قَاصِدٍ ، وَمَعَ ذَلِكَ أَمَرَهُ بِالْوَفَاءِ بِهِ ، فَدَلَّ أَنَّ عَدَمَ الْقَصْدِ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْيَمِينِ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِهِ ، وَتَأْوِيلُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19568 : رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ } رُفِعَ الْأَثِمُ . وَمِنْ السَّلَفِ مَنْ قَالَ : اللَّغْوُ هُوَ الْيَمِينُ الْمُكَفَّرَةُ وَهَذَا بَاطِلٌ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَطَفَ الْيَمِينَ الَّتِي فِيهَا الْكَفَّارَةُ عَلَى اللَّغْوِ ، وَالشَّيْءُ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : يَمِينُ اللَّغْوِ الْيَمِينُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ مُحْبَطَةٌ بِالْكَفَّارَةِ أَيْ لَا مُؤَاخَذَةَ فِيهَا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ ، وَهَذَا أَيْضًا فَاسِدٌ فَإِنَّ كَوْنَ الْفِعْلِ مَعْصِيَةً لَا يَمْنَعُ عَقْدَ الْيَمِينِ عَلَيْهِ ، وَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ سَبَبًا لِلْكَفَّارَةِ كَالظِّهَارِ ، فَإِنَّهُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ ، ثُمَّ كَانَ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْعَوْدِ ، وَهَذَا النَّوْعُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَأَمَّا فِي الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ لَا يَتَحَقَّقُ اللَّغْوُ ، هَكَذَا ذَكَرَهُ
ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ عَدَمَ الْقَصْدِ لَا يَمْنَعَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ( فَإِنْ قِيلَ ) فَمَا مَعْنَى تَعْلِيقُ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى نَفْيَ الْمُؤَاخَذَةِ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الرَّجَاءِ بِقَوْلِهِ : نَرْجُو أَنْ لَا يُؤَاخِذَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا صَاحِبَهَا ، وَعَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ فِي الْيَمِينِ اللَّغْوِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ ، وَمَا عُرِفَ بِالنَّصِّ فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ .
( قُلْنَا ) : نَعَمْ وَلَكِنَّ صُورَةَ تِلْكَ الْيَمِينِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا ، فَإِنَّمَا عَلَّقَ بِالرَّجَاءِ نَفْيَ الْمُؤَاخَذَةِ فِي اللَّغْوِ بِالصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ بِالنَّصِّ ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهَذَا اللَّفْظِ التَّعْلِيقُ بِالرَّجَاءِ ، إنَّمَا أَرَادَ بِهِ التَّعْظِيمَ وَالتَّبَرُّكَ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا مَرَّ بِالْمَقَابِرِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80431 : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دِيَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ . } وَمَا ذُكِرَ الِاسْتِثْنَاءُ بِمَعْنَى الشَّكِّ فَإِنَّهُ كَانَ مُتَيَقِّنًا بِالْمَوْتِ ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=30 : إنَّك مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } وَلَكِنْ مَعْنَى ذِكْرُ الِاسْتِثْنَاءِ
[ ص: 131 ] مَا ذَكَرْنَا .