الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو حلف لا يأكل شواء ، ولا نية له ، فهو على اللحم خاصة ما لم ينو غيره ; لأن الناس يطلقون هذه اللفظة على اللحم عادة دون الفجل والجزر المشوي ، ألا ترى أن الشواء اسم لمن يبيع اللحم المشوي ، فمطلق لفظه ينصرف إليه للعرف ، إلا أن ينوي كل ما يشوى من بيض أو غيره ، فتعمل نيته لما فيه من التشديد عليه ، ولو حلف لا يأكل رأسا . قال : فهذا على رءوس البقر والغنم ، وهذا لأنا نعلم أنه لم يرد رأس كل شيء ، وأن رأس الجراد والعصفور لا يدخل في هذا ، وهو رأس حقيقة فإذا علمنا أنه لم يرد الحقيقة ، وجب اعتبار العرف ، وهو الرأس الذي يشوى في التنانير ، ويباع مشويا ، فكان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول أولا : يدخل فيه رأس الإبل والبقر والغنم ; لأنه رأى عادة أهل الكوفة ، فإنهم يفعلون ذلك في هذه الرءوس الثلاثة ، ثم تركوا هذه العادة ، فرجع وقال : يحنث في رأس البقر والغنم خاصة ، ثم إن أبا يوسف ومحمدا رحمهما الله تعالى شاهدا عادة أهل بغداد وسائر البلدان ، أنهم لا يفعلون ذلك إلا في رأس الغنم خاصة ، فقالا : لا يحنث إلا في رءوس الغنم ، فعلم أن الاختلاف اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حكم وبيان ، والعرف الظاهر أصل في مسائل الأيمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية