( قال ) ولا يمد في شيء من الحدود  ، والتعزير قيل : مراده المد بين العقابين ، وقيل : مراده أن الجلاد لا يفصل عضده عن إبطه ولا يمد يده فوق رأسه ، وقيل : مراده أنه بعد ما أوقع السوط على بدن المجلود لا يمده ; لأنه زيادة مبالغة لم يستحق عليه ذلك ; لأنه ربما يؤدي إلى التلف ، والتحرز عن ذلك واجب شرعا في موضع لا يستحق الإتلاف شرعا ، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بحسم السارق بعد القطع للتحرز عن الإتلاف ، ويعطي كل عضو حظه من الضرب ; لأنه قد نال اللذة في كل عضو ، ولأن جميع الجلدات في عضو واحد ربما يؤدي إلى الإتلاف ، والإتلاف غير مستحق فيفرق على الأعضاء كي لا يؤدي إلى الإتلاف ، غير أنه لا يضرب الوجه والفرج ، أما الفرج فلا يحتمل الضرب والضرب على الفرج متلف ، وأما الوجه { فلأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمرهم برجم الغامدية  أخذ حصاة كالحمصة ورماها بها قال للناس : ارموها واتقوا الوجه   } فلما منع من ضرب الوجه في موضع كان الإتلاف مستحقا ففي موضع لم يستحق الإتلاف أولى ، ولأن الوجه موضع الحواس ففي الضرب عليه إذهاب بعض الحواس عنه وهو استهلاك حكما وعن  أبي يوسف  رحمه الله تعالى لا يضرب الصدر والبطن أيضا ; لأن الضرب عليهما متلف . 
( قال ) ولا يضرب الرأس في قول  أبي حنيفة   ومحمد  رحمهما الله تعالى وهو قول  أبي يوسف  رحمه الله تعالى الأول ، ثم رجع وقال يضرب الرأس أيضا ضربة واحدة وهو قول  ابن أبي ليلى   [ ص: 73 ] لحديث  أبي بكر  رضي الله عنه فإنه قال اضربوا الرأس فإن الشيطان في الرأس . 
( وحجتنا ) في ذلك حديث  عمر  رضي الله عنه فإنه قال للجلاد إياك أن تضرب الرأس والفرج ولأن الرأس موضع الحواس ففي الضرب عليه تفويت بعض الحواس . 
( قال ) ولا تجرد المرأة لإقامة الحد والتعزير عليها    ; لأنها عورة مستورة ، وكشف العورة حرام إلا أنه ينزع عنها الحشو والفرو ليخلص الألم إلى بدنها ولأن ستر العورة يحصل بالملبوس عادة فلا حاجة إلى إبقاء الحشو والفرو عليها . 
( قال ) وتضرب وهي قاعدة كأستر ما يكون ، ويضرب الرجل قائما ، وكان  ابن أبي ليلى  رحمه الله يضرب المرأة الحد وهي قائمة كالرجل ، ولكنا نأخذ بقول  عمر  رضي الله عنه حيث قال يضرب الرجل قائما والمرأة قاعدة ولأن مبنى حال الرجل على الانكشاف والظهور ومبنى حالها على الستر . 
( قال ) فإن كان حدها الرجم فإن حفر لها فحسن وإن ترك لم يضر وقد بيناه 
				
						
						
