الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) وإذا سرق سرقات لم يقطع بها إلا يد واحدة ; لأن مبنى الحدود على التداخل ومعنى الزجر يتم بقطع يد واحدة فإن حضروا جميعا قطعت يده بخصومتهم ، ولم يضمن شيئا من السرقات المستهلكة ; لأن في حق كل واحد منهم قد استوفي الحد بخصومته بعد ما ظهرت السرقة فكأنه ليس معه غيره ، وإن حضر أحدهم قطعت يده بخصومته على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، ولا يضمن شيئا من سرقاته المستهلكة وعندهما هو ضامن للسرقات كلها إلا السرقة التي قطعت يده بالخصومة فيها ، وذكر ابن سماعة في نوادره هذا الخلاف على عكس هذا وما ذكره في الأصل أصح .

وجه قولهما أن الأخذ الموجب للضمان متقرر في حق كل واحد منهم حتى لو سقط الحد بشبهة كان ضامنا لكل واحد منهم ماله ، فإنما سقط الضمان لضرورة استيفاء القطع حقا لله تعالى ، وإنما وجد ذلك في حق الذي خاصم خاصة ; لأن القطع في سرقته دون غيره من السرقات ، فإن الشرط الخصومة المظهرة للسرقة ، ولم يوجد ذلك في حق الباقين ; لأن الحاضر ليس بخصم عنهم ، ولأنه ما خاصم إلا في سرقته فيجعل في حقهم كأنه تعذر إقامة الحد للشبهة فبقي الضمان واجبا لهم وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول في حق السارق حضور أحدهم كحضورهم ، فإنه لا يقطع به إلا يد واحدة في الأحوال كلها ، وكما لا يضمن شيئا لو حضروا ، فكذلك إذا حضر بعضهم ، وهذا ; لأن الحد هو المستحق عليه بكل شيء سرقه والمقام عليه حد واحد بالاتفاق فيكون مسقطا ضمان السرقات كلها ، ألا ترى أنه لو أقر بالسرقة والمسروق منه غائب فاجتهد الإمام وقطع يده لم يضمن للمسروق منه شيئا ، وإن حضر فصدقه

التالي السابق


الخدمات العلمية