قال : ( رجل صلى ومعه جلد ميتة مدبوغ  فلا بأس بذلك عندنا ) وقال  مالك  رحمه الله تعالى لا تجوز صلاته ولا ينتفع عنده بجلد الميتة ، وإن كان مدبوغا إلا في الجامد من الأشياء ، واستدل بحديث { عبد الله بن الحكم الليثي  قال : أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بسبعة أيام ، وفيه لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب   } . 
( ولنا ) قوله صلى الله عليه وسلم : { أيما إهاب دبغ فقد طهر   } وتأويل حديث عبد الله  أنه كان قبل الدباغة ، قال  الأصمعي    : الإهاب اسم الجلد لم يدبغ ، فإذا دبغ يسمى أديما ، ثم المحرم بالموت ما يدخل تحت مصلحة الأكل ، قال صلى الله عليه وسلم : { إنما حرم من الميتة أكلها   } وبالدباغ خرج الجلد من أن يكون صالحا للأكل ، وتبين أن نجاسته بما اتصل به من الدسومات النجسة ، وقد زال ذلك بالدباغ فصار طاهرا كالخمر تخلل ، وأصح ما قيل في حد الدباغ عندنا ما يعصمه من النتن والفساد ، حتى إذا شمسه أو تربه كان ذلك دباغا عندنا ، وعند  الشافعي  رضي الله تعالى عنه لا يكون دباغا إلا بما يزيل الدسومات النجسة عنه ، وذلك باستعمال الشب والقرض والعفص ( ودليلنا ) فيه أن المقصود إخراجه من أن يكون صالحا لمنفعة الأكل ، وقد حصل ذلك وبه تبين أنه لم يبقى فيه الدسومات النجسة ، فإنها لو بقيت فيه لأنتن بمضي الزمان ، وكذلك جلود السباع عندنا ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه ، وقال  الشافعي  رضي الله تعالى عنه ما لا يؤكل لحمه لا يطهر جلده بالدباغ ، وقاس بجلد الخنزير والآدمي . 
( ولنا ) عموم الحديث أيما إهاب دبغ فقد طهر وما طهر من لبس الناس كجلد الثعلب والفيل والسمور ونحوها في الصلاة وغير الصلاة من غير نكير منكر يدل على طهارته بالدباغ ، فأما جلد الخنزير فقد روي عن  أبي يوسف  رحمه الله تعالى أنه يطهر بالدباغ أيضا ، وفي ظاهر الرواية لا يحتمل الدباغة ، فإن له جلودا مترادفة بعضها فوق بعض كما للآدمي ، وإنما لا يطهر لعدم احتماله المطهر وهو الدباغ ، أو لأن عينه نجس وجلده من عينه ، فأما في سائر الحيوانات النجس ما اتصل بالعين من الدسومات 
				
						
						
