[ ص: 87 ] بسم الله الرحمن الرحيم ) ( قال ) الشيخ الإمام الأجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الإسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله تعالى : بني مسائل أول الكتاب على ما بينا في كتاب الصلاة أن مراعاة الترتيب بين الفوائت وبين فرض الوقت واجب إلا في حالة النسيان أو ضيق الوقت أو كثرة الفوائت ( وقال ) : لو أن فإنه يقطع العصر ثم يصلي الظهر ثم يصلي العصر ; لأنه لو كان ذاكرا للظهر عند الشروع لم يصح شروعه في العصر في أول وقتها فإذا ذكرها قبل الفراغ من العصر لا يمكنه إتمام العصر أيضا كالمتيمم إذا أبصر الماء قبل الفراغ من الصلاة وفي قوله : يقطع العصر إشارة إلى أنه بمجرد تذكر الظهر لا يصير خارجا من العصر على الإطلاق ، وهذا لاختلاف العلماء واشتباه الآثار فيه ، والسبيل في العبادات الأخذ بالاحتياط وتمام الاحتياط في أن يقطع العصر قال : فإن مضى في العصر لم يجزئه لانعدام شرط الجواز فإن مراعاة الترتيب بعد التذكر شرط لجواز العصر ثم يجزئه عن التطوع في قول رجلا نسي الظهر فصلى من العصر ركعة في أول وقتها ثم ذكر رحمه الله تعالى وهو أظهر الروايتين عن أبي يوسف رحمه الله تعالى رواه أبي حنيفة الحسن وفي قول رحمه الله تعالى : لا يجزئه عن التطوع وهو رواية عن محمد أيضا وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى بناء على ما بينا في كتاب الصلاة إن عند زفر رحمه الله تعالى للصلاة جهة واحدة فإذا فسدت صار خارجا من الصلاة ، وعند محمد أبي حنيفة رحمهما الله تعالى بفساد الجهة لا يفسد أصل الصلاة إذا لم يكن ما اعترض منافيا لأصل الصلاة ، وتذكر الظهر لا ينافي أصل الصلاة وإنما يمنع أداء العصر فيفسد العصر ويبقى أصل الصلاة بمنزلة المكفر بالصوم إذا أيسر في بعض اليوم ، وعلى هذا لو وأبي يوسف لم يجزئه عن العصر وعند افتتح العصر لأول وقتها وهو ذاكر للظهر رحمه الله تعالى لا يصير شارعا في الصلاة حتى لو ضحك قهقهة لا يلزمه الوضوء وعند محمد رحمه الله تعالى وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى يصير شارعا في الصلاة وفرق بين أول الوقت وبين آخر الوقت فقال عند ضيق الوقت : عليه أن يبدأ [ ص: 88 ] بفرض الوقت . أبي حنيفة
ولو بدأ بالفائتة أجزأه إذا كان الوقت قابلا للفائتة ، وعند سعة الوقت عليه أن يبدأ بالفائتة .
ولو بدأ بفرض الوقت لم يجزئه ; لأن عند ضيق الوقت النهي عن البداءة بالفائتة لم يكن لمعنى فيها بل لما فيه من تفويت فرض الوقت ، ألا ترى أنه كما ينهى عن البداءة بالفائتة ينهى عن الاشتغال بالتطوع ، والنهي متى كان لمعنى في غير المنهي عنه لا يكون مفسدا كالنهي عن الصلاة في الأرض المغصوبة ، وعند سعة الوقت النهي عن البداءة بفرض الوقت لمعنى فيها بدليل أنه لا ينهى عن الاشتغال بالتطوع في هذه الحالة ، والنهي متى كان لمعنى في المنهي عنه كان مفسدا له .