[ ص: 117 ] ( ويحل استعمال كل إناء طاهر ) من حيث كونه طاهرا وإن حرم من جهة أخرى كجلد آدمي غير حربي ومرتد وكمغصوب بخلاف النجس فيحرم إلا في ماء كثير أو جاف والإناء جاف نعم يكره ، وظاهر أن المراد بالنجس هنا ما يعم المتنجس ولا ينافي الحرمة هنا ما يأتي من كراهة البول في الماء القليل ؛ لأنه لا تضمخ بنجاسة ثم أصلا والكلام هنا [ ص: 118 ] في استعمال متضمن للتضمخ بالنجاسة في بدن وكذا ثوب بناء على حرمة التضمخ بها فيه وهو ما صححه المصنف في بعض كتبه ويؤيد ذلك تصريحهم بحل استعمال النجس في نحو عجن طين ( إلا ) منقطع إن نظرنا إلى التأويل السابق ( ذهبا وفضة ) أي إناء ولو بابا ومرودا وخلا لا كله أو بعضه من أحدهما أو منهما ( فيحرم ) استعماله في أكل أو غيره وإن لم يؤلف كان كبه على رأسه واستعمل أسفله فيما يصلح له كما شمله إطلاقهم ، ولو على امرأة أكحلت به طفلا لغير حاجة الجلاء للنهي عن ذلك مع التوعد عليه بما قد يؤخذ منه أن ذلك كبيرة [ ص: 119 ] وتجويزهم الاستنجاء بالنقد محله في قطعة لم تهيأ ؛ لأنها حينئذ لا تعد إناء ولم تطبع ؛ لأنه لا احترام لها واتخاذ الرأس من النقد للإناء محله أيضا إن لم يسم إناء بأن كان صفيحة لا تصلح عرفا لشيء مما تصلح له الآنية ومع ذلك يحرم نحو وضع شيء عليه للأكل منه مثلا كما هو ظاهر ؛ لأنه استعمال له فهو إناء بالنسبة إليه وإن لم يسم إناء على الإطلاق نظير الخلال والمرود والعلة العين بشرط ظهور الخيلاء أي التفاخر والتعاظم ومن ثم قالوا لو صدئ إناء الذهب أي بحيث ستر الصداء جميع ظاهره وباطنه حل استعماله لفوات الخيلاء ، وبه يعلم أن تغشية الذهب الساترة لجميعه كالصداء بل أولى وإن لم يحصل منها شيء خلافا لجمع .
وظاهر أن المدار على الاستعمال العرفي أخذا من قولهم يحرم الاحتواء على مجمرة النقد وشم رائحتها من قرب بحيث يعد متطيبا بها لا من بعد ويحرم تبخير نحو البيت بها انتهى فلا تحرم الملاقاة بالفم أو غيره من المطر النازل من ميزاب الكعبة وإن مسه الفم على نزاع فيه ؛ لأنه لا يعد استعمالا له عرفا وليس من الآنية سلسلة الإناء وحلقته ولا غطاء الكوز [ ص: 120 ] أي وهو غير رأسه السابق صورة وصفيحة فيها بيوت للكيزان ومحله حيث لم يكن شيء من ذلك على هيئة إناء أو لا كحق الأشنان حرم ومن الحيل المبيحة لاستعماله صب ما فيه [ ص: 121 ] ولو في نحو يد لا يستعمله بها ، ثم يستعمله منها نعم هي لا تمنع حرمة الوضع في الإناء ولا حرمة اتخاذه فتفطن له ( تنبيه )
صرحوا في نحو كيس الدراهم الحرير بحله وعللوه بأنه منفصل عن البدن غير مستعمل فيما يتعلق به فيحتمل أن يقال بنظير هذا هنا ويؤيده تعليلهم حل نحو غطاء الكوز بأنه منفصل عن الإناء لا يستعمل ، ويحتمل الفرق بأن ما هنا أغلظ ولعله الأقرب ومحل تعليلهم المذكور حيث لم يكن على هيئة إناء كما علم مما تقرر .
( تنبيه آخر )
محل النظر لكونه يسمى إناء بالنسبة للفضة أما الذهب فيحرم منه نحو السلسلة مطلقا نظير ما يأتي في الضبة لغلظه ( وكذا ) يحرم ( اتخاذه ) أي اقتناؤه خلافا لمن وهم فيه ( في الأصح ) ؛ لأنه يجز لاستعماله غالبا كآلة اللهو قال الزركشي كالشبابة ومزمارة الرعاة وككلب لم يحتج له أي لا وقرد وإحدى الفواسق الخمس وصور نقشت على غير ممتهن وسقف مموه بنقد يتحصل منه شيء انتهى وما ذكره في القرد غير صحيح لتصريحهم بصحة بيعه والانتفاع به ، وما أدى إلى معصية له حكمها ، وإنما جاز اتخاذ نحو ثياب الحرير بالنسبة للرجل على خلاف ما أفتى به ابن عبد السلام الذي استوجهه بعضهم ؛ لأن للنفس ميلا ذاتيا لذاك أكثر فكان اتخاذه مظنة استعماله بخلاف غيره .


