( باب مسح الخف )
المراد به الجنس أو الخف الشرعي وكلاهما مجمل هنا مبين في غيره فلا يرد منع لبس خف على صحيحة ليمسحها وحدها وإن كانت الأخرى عليلة لوجوب التيمم عنها فكانت كالصحيحة بخلاف ما لو لم يكن له إلا رجل فإن بقي من فرض الأخرى بقية وإن قلت تعين لبس خفها ليمسح عليهما وإن لم يبق منه شيء مسح على الأخرى وحدها ، وذكره هنا لتمام مناسبته بالوضوء ؛ لأنه بدل عن غسل الرجلين فيه بل ذكره جمع في خامس فروضه لبيان أن الواجب الغسل أو المسح .
وأخره جمع عن التيمم ؛ لأن في كل مسحا مبيحا وأحاديثه صحيحة كثيرة [ ص: 243 ] بل متواترة ومن ثم قال بعض الحنفية أخشى أن يكون إنكاره أي من أصله كفرا ( يجوز في الوضوء ) ولو وضوء سلس لما تقرر لا في غسل واجب أو مندوب ولا في إزالة نجس بل لا بد من الغسل إذ لا مشقة وأفهم يجوز أن الغسل أفضل منه نعم إن تركه رغبة عن السنة أي لإيثاره الغسل عليه لا من حيث كونه أفضل منه سواء أوجد في نفسه كراهته لما فيه من عدم النظافة مثلا أم لا ، فعلم أن الرغبة عنه أعم وأن من جمع بينهما أراد الإيضاح أو شكا في جوازه أي لتخيل نفسه القاصرة شبهة فيه أو خاف من الغسل فوت نحو جماعة أو أرهقه حدث وهو متوضئ ومعه ماء يكفيه لو لبسه ومسح لا إن غسل كان أفضل بل يكره تركه ومثله في الأولين سائر الرخص .
وقد يجب لنحو خوف فوت عرفة [ ص: 244 ] أو إنقاذ أسير وجعله بعضهم هنا أفضل لا واجبا ويتعين حمله على مجرد خوف من غير ظن لكن سيأتي أنه يجب البدار إلى إنقاذ أسير رجي ولو على بعد وأنه إذا عارضه إخراج الفرض عن وقته قدم الإنقاذ أو لكونه لابسه بشرطه ، وقد تضيق الوقت وعنده من الماء ما لا يكفيه لو غسل ويكفيه لو مسح وقد يحرم كأن لبسه محرم تعديا ثم إذا لبسه بشرطه كانت المدة فيه ( للمقيم المسح على الخف ) وكل من سفره لا يبيح القصر ( يوما وليلة وللمسافر ) سفر قصر ( ثلاثة أيام بلياليها ) المتصلة بها سبق اليوم الأول ليلته بأن أحدث وقت الغروب أو لا بأن أحدث وقت الفجر ولو أحدث أثناء ليل أو نهار اعتبر قدر الماضي منه من الليلة الرابعة أو اليوم الرابع .
وكذا في اليوم والليلة للنص على ذلك في الأحاديث الصحيحة ، وابتداء المدة إنما يحسب ( من ) انتهاء ( الحدث ) [ ص: 245 ] كبول أو نوم أو مس ولو من نحو مجنون كما اقتضاه إطلاقهم ويوجه بأن المعتبر في نحو الشروط خطاب الوضع كما يأتي في شروط الصلاة وحينئذ فالمجنون وغيره سواء في ذلك فبحث البلقيني استثناءه ؛ لأنه لا صلاة عليه غفلة عن ذلك فعلى الأول إن أفاق وقد بقي من المدة التي حسبت عليه من الحدث شيء استوفاه وإلا فلا على أن علته تلحق الصبي المميز بالمجنون فيما ذكره ولا أظن أحدا يقول به فلو عبر بأنه ليس متأهلا للصلاة لسلم من ذلك ( بعد لبس ) لدخول وقت المسح به فلو أحدث فتوضأ وغسل رجليه فيه ثم أحدث فابتداؤها من الحدث الأول ويسن للابسه قبل الحدث تجديد الوضوء ويمسح عليه
واغتفر له هذا قبل الحدث لأن وضوءه تابع غير مقصود ومن ثم لا تحسب المدة إلا من الحدث ولا يمسح سلس أحدث غير حدثه الدائم [ ص: 246 ] ومتيمم لغير فقد الماء كمرض وبرد إلا لما يحل له لو بقي طهره الذي لبس عليه الخف فإن كان الحدث قبل فعل الفرض مسح له وللنوافل أو بعده مسح للنوافل فقط ؛ لأن مسحه مترتب على طهره المفيد لذلك لا غير فإن أراد الفرض وجب النزع وكمال الطهر ؛ لأنه محدث بالنسبة للفرض الثاني فكأنه لبس على حدث حقيقة فإن طهره لا يرفع الحدث .
واستشكل جواز لبسه ليمسح عليه مع بطلان طهره بتخلل اللبس بينه وبين الصلاة ولبس في محله لأنه يغتفر له الفصل بما بين صلاتي الجمع وهو يسع اللبس وإن تكرر ولو شفي السلس والمتيمم وجب الاستئناف وغسل الرجلين وصورة المسح في التيمم المحض لغير فقد الماء أن يتكلف الغسل وتكلفه حرام على الأوجه ؛ لأن الفرض أنه مضر وفي المتحيرة تردد ، ويتجه أنها لا تمسح إلا للنوافل لأنها تغتسل لكل فرض فهي بالنسبة لغيره من أقسام السلس أما متيمم لفقد الماء [ ص: 247 ] فلا يمسح شيئا إذا وجده لبطلان طهره برؤيته وإن قل .


