[ ص: 130 ] باب الأذان لغة الإعلام . قال تعالى : { وأذن في الناس بالحج    } أي أعلمهم به يقال : أذن بالشيء يؤذن أذانا وتأذينا وأذينا كعليم ، إذا أعلم به ، فهو اسم وضع موضع المصدر ، وأصله من الأذن ، وهو الاستماع . كأنه يلقي في آذان الناس ما يعلمهم به . وشرعا   ( إعلام بدخول وقت الصلاة  أو ) أو إعلام ( قربه ) أي وقتها ( كفجر ) فقط ( والإقامة ) مصدر قام . 
وحقيقته : إقامة القاعد ، فكأن المؤذن ، إذا أتى بألفاظ الإقامة أقام القاعدين وأزالهم عن قعودهم . وشرعا ( إعلام بالقيام إليها ) أي الصلاة ( بذكر مخصوص فيهما ) أي الأذان والإقامة . ويطلقان على نفس الذكر المخصوص ( وهو ) أي الأذان ( أفضل منها ) أي الإقامة . لأنه أكثر ألفاظا . 
وأبلغ في الإعلام ( و ) الأذان أفضل أيضا ( من الإمامة ) لحديث  أبي هريرة  مرفوعا { الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن ، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين   } رواه  أحمد  وأبو داود  والترمذي    . والأمانة أعلى من الضمان ، والمغفرة أعلى من الإرشاد . وإنما لم يتول النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه من بعده الأذان لضيق وقتهم . 
قال  عمر    : " لولا الخلافة لأذنت " ويشهد لفضل الأذان : قوله صلى الله عليه وسلم { المؤذن أطول الناس أعناقا يوم القيامة   } رواه  مسلم    . وقوله { من أذن سبع سنين محتسبا كتبت له براءة من النار   } رواه  ابن ماجه    . وأحاديث الباب كثيرة . 
والأصل في مشروعيته . ما روى  أنس  قال : { لما كثر الناس ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه . فذكروا أن يوقدوا نارا أو يضربوا ناقوسا ؟ فأمر  بلال  أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة   } متفق عليه . وحديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه  رواه  أحمد  وغيره ( وسن أذان في يمين أذن مولود )  ذكر أو أنثى ( حين يولد . 
و ) سن ( إقامة في ) الأذن ( اليسرى ) لخبر  ابن السني  مرفوعا { من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان   } أي التابعة من الجن وروى الترمذي  أنه صلى الله عليه وسلم { أذن في أذن الحسن  حين ولدته أمه  فاطمة    } وقال : حسن صحيح . وليكون إعلامه  [ ص: 131 ] بالتوحيد أول ما يقرع سمعه عند قدومه إلى الدنيا . كما يلقن عند خروجه منها ، ولأنه يطرد الشيطان عنه ; لأنه يدبر عند سماع الأذان . 
وفي مسند رزين    { أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في أذن مولود سورة الإخلاص   } قال في شرحه : والمراد أذنه اليمنى ( وهما ) أي الأذان والإقامة ( فرض كفاية ) لحديث { إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم   } متفق عليه . والأمر يقتضي الوجوب . 
وعن  أبي الدرداء  مرفوعا { ما من ثلاثة لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان   } رواه  أحمد   والطبراني    . ولأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة كالجهاد ولا يشرعان لكل من في المسجد . بل تكفيهم المتابعة ، وتحصل لهم الفضيلة . كقراءة الإمام قراءة للمأموم ( لل ) صلوات ( الخمس ) دون المنذورة وغيرها ( المؤداة ) لا المقتضيات ؟ ( والجمعة ) عطف على الخمس . 
قال في المبدع : ولا يحتاج إليه لدخولها في الخمس ، وإنما لم يفرضا في غيرها ، لأن المقصود منهما : الإعلام بوقت الصلاة المفروضة على الأعيان والقيام إليها ، وهذا لا يوجد في غيرها ( على الرجال ) اثنين فأكثر ، لا الواحد ، ولا النساء ولا الخناثى ( الأحرار ) لا الأرقاء والمبعضين ( إذ فرض الكفاية لا يلزم رقيقا ) لاشتغالهم بخدمة مالكهم ، أي في الجملة . 
وإلا فالظاهر وجوب نحو رد سلام ، وتغسيل ميت ، وصلاة على رقيق لم يوجد غيره ، وقد صرحوا بتعين أخذ اللقيط عليه إذا لم يوجد غيره ( حضرا ) في القرى والأمصار ، ومن صلى بلا أذان ولا إقامة  صحت ، لكن ذكر  الخرقي  وغيره : ؟ ويكره . وإن اقتصر مسافر أو منفرد على الإقامة  لم يكره 
				
						
						
