فصل يكره فيها أي : الصلاة ( التفات )  لحديث  عائشة  قالت : { سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال : هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد   } رواه  البخاري    ( بلا  [ ص: 207 ] حاجة كخوف ونحوه ) كمرض لحديث سهل بن الحنظلية  قال : { ثوب بالصلاة ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب   } رواه أبو داود  قال : " وكان أرسل فارسا إلى الشعب يحرس " وكذا قال  ابن عباس    {   : كان النبي صلى الله عليه وسلم يلتفت يمينا وشمالا ، ولا يلوي عنقه   } رواه  النسائي    . فإن كان بوجهه فقط . أو به صدره لم تبطل ( وإن استدار بجلسته ، أو استدبرها لا في الكعبة    ) أي : القبلة مصل ( أو في شدة خوف ، أو تغير اجتهاده ) حيث كان فرضه الاجتهاد ( بطلت ) صلاته ، لتركه الاستقبال ، وأما في الصور المستثناة فلا ; لأنه في الكعبة  إذا استدبر منها شيئا كان مستقبلا ما قابله ، وفي شدة الخوف يسقط الاستقبال . وفي صورة الاجتهاد صارت قبلته التي تغير إليها اجتهاده . 
ولذا وجه في الإنصاف : عدم استثنائها ; لأنه إنما استدار إلى قبلته ( و ) يكره في صلاة ( رفع بصره ) إلى السماء ، لحديث  أنس  مرفوعا { ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم  فاشتد قوله في ذلك حتى قال : لينتهن عن ذلك ، أو لتخطفن أبصارهم   } رواه  البخاري    . 
و ( لا ) يكره رفع بصره ( حال التجشي ) في الصلاة جماعة  ، فيرفع وجهه ، لئلا يؤذي من حوله بالرائحة . 
( و ) يكره في صلاة ( تغميضه )  نص عليه واحتج بأنه فعل اليهود  ، ومظنة النوم ، ونقل : أبو داود  إن نظر امرأته عريانة  غمض ومن باب أولى : إذا رأى من يحرم نظره إليه ( و ) يكره أيضا فيها ( حمل مشغل عنها ) ، لأنه يذهب الخشوع . 
( و ) يكره فيها   ( افتراش ذراعيه ساجدا )  لحديث  جابر  مرفوعا { إذا سجد أحدكم فليعتدل ، ولا يفترش ذراعيه افتراش الكلب   } رواه الترمذي    . 
وقال : حسن صحيح ( و ) يكره ( إقعاؤه ) في جلوسه ( بأن يفترش قدميه ويجلس على عقبيه ) كذا فسره به  أحمد    . قال أبو عبيد    : هو قول أهل الحديث ، واقتصر عليه في الفروع والمغني والمقنع والإقناع وغيرها ( ، أو ) أن يجلس ( بينهما ) أي : بين عقبيه على أليتيه ( ناصبا قدميه ) وقال أبو عبيد    : وأما الإقعاء عند العرب    : فهو جلوس الرجل على أليتيه ، ناصبا فخذيه ، مثل إقعاء الكلب ، 
قال في شرحه : وكل من الجلستين مكروه ، لما روى  الحارث الأعور  عن  علي    . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تقع بين السجدتين   } وعن  أنس  مرفوعا { إذا رفعت رأسك من السجود فلا تقع كما يقعي الكلب   } رواهما ابن ماجه    . 
( و ) يكره فيها  [ ص: 208 ]   ( عبث ) لأنه صلى الله عليه وسلم { رأى رجلا يعبث في الصلاة فقال : لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه   } ( و ) يكره فيها ( تخصر ) أي : وضع يده على خاصرته    . لحديث  أبي هريرة  يرفعه { نهى أن يصلي الرجل متخصرا   } متفق عليه . 
( و ) يكره فيها ( تمط ) لأنه يخرجه عن هيئة الخشوع ( و ) يكره فيها ( فتح فمه ووضعه فيه شيئا ) لأنه يذهب الخشوع ، ويمنع كمال الحروف . 
و ( لا ) يكره وضعه شيئا ( في يده ) نصا ولا في كمه . 
( و ) يكره فيها ( استقبال صورة ) منصوبة ، نص عليه لما فيه من التشبه بعبادة الأوثان والأصنام . وظاهره ولو صغيرة ، لا تبدو لناظر إليها ، وأنه لا يكره إلى غير منصوبة ، ولا سجوده على صورة ، ولا صورة خلفه في البيت ، ولا فوق رأسه في سقف ، ولا عن أحد جانبيه ، ذكره في الفروع . 
( و ) يكره فيها استقبال ( وجه آدمي ) نصا . 
وإلى امرأة تصلي بين يديه ، لا حيوان غير آدمي ، لأنه صلى الله عليه وسلم { كان يعرض راحلته ويصلي إليها   } . 
( و ) يكره أيضا استقبال ( ما يليه ) لحديث  عائشة    { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام ، فنظر إلى أعلامها نظرة ، فلما انصرف قال : اذهبوا بخميصتي هذه إلى  أبي جهم  ، وأتوني بأنبجانية  أبي جهم  ، فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي   } متفق عليه والخميصة : كساء مربع ، 
والأنبجانية : كساء غليظ ( و ) يكره فيها استقبال ( نار مطلقا ) أي : سواء كانت نار حطب ، أو سراج ، أو في قناديل ، أو شمعة . نصا ، لأنه تشبه بالمجوس    . 
( و ) يكره فيها استقبال ( متحدث ) { لنهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة إلى النائم والمتحدث   } رواه أبو داود  ولأنه يشغله عن حضور قلبه فيها . 
( و ) يكره فيها استقبال ( نائم ) للخبر . 
( و ) يكره فيها استقبال ( كافر ) لأنه نجس . 
( و ) يكره أيضا   ( تعليق شيء في قبلته )  لا وضعه بالأرض . قال  أحمد    : كانوا يكرهون أن يجعلوا في القبلة شيئا حتى المصحف ، وتكره أيضا الكتابة في قبلته ، وأن يصلي وبين يديه نجاسة ، أو باب مفتوح . 
قال في المبدع : ( و ) يكره أيضا لمصل ( حمل ثوب ، أو فص ونحوه فيه صورة ) وتقدم : يكره صليب في ثوب ونحوه ( و ) يكره أيضا ( مس الحصا وتقليبه ) لحديث  أبي ذر  مرفوعا { إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يمسح الحصا فإن الرحمة تواجهه   } رواه أبو داود    ( وتسوية التراب بلا عذر ) لأنه من العبث ، فإن كان لحاجة لم يكره . 
( و ) يكره أيضا ( تروح بمروحة ونحوها بلا حاجة )  [ ص: 209 ] إليه لأنه من العبث . 
( و ) يكره أيضا   ( فرقعة أصابعه وتشبيكها )  لقول  علي  مرفوعا {   : لا تقعقع أصابعك وأنت في الصلاة   } رواه ابن ماجه  ، 
وعن  كعب بن عجرة  أن النبي صلى الله عليه وسلم { رأى رجلا قد شبك أصابعه في الصلاة ، ففرج النبي صلى الله عليه وسلم بين أصابعه   } رواه الترمذي  وابن ماجه    . وقال  ابن عمر    - في الذي يصلي وهو مشبك    " تلك صلاة المغضوب عليهم " رواه ابن ماجه    . 
( و ) يكره له أيضا   ( مس لحيته )  لأنه من العبث ( و ) يكره له أيضا ( عقص شعره وكف ثوبه ) وتشمير كمه  ، ولو لعمل قبل الصلاة . لحديث { ولا أكف ثوبا ولا شعرا .   } 
و " رأى  ابن عباس  عبد الله بن الحارث  يصلي ورأسه معقوص من ورائه فقام ، فجعل يحله ، فلما انصرف أقبل إلى  ابن عباس  ، فقال : مالك ولرأسي ؟ قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول {   : إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف   } ونهى  أحمد  رجلا كان إذا سجد جمع ثوبه بيده اليسرى . 
ونقل  ابن القاسم    : يكره له أن يشمر ثيابه ، لقوله : : " ترب ترب " . 
( و ) يكره له أيضا ( أن يخص جبهته بما يسجد عليه ) لأنه من شعار الرافضة    ( و ) يكره له فيها ( مسح أثر سجوده ) . 
وفي المغني : إكثاره منه ، ولو بعد التشهد . 
( و ) يكره له ( تكرار الفاتحة ) لأنه لم ينقل ، وخروجا من خلاف من أبطلها به ، لأنها ركن والفرق بين الركن القولي والفعلي : أن تكرار القولي لا يخل بهيئة الصلاة . 
( و ) يكره ( استناده ) إلى نحو جدار ; لأنه يزيل مشقة القيام ( بلا حاجة ) إليه ; لأنه صلى الله عليه وسلم { لما أسن وأخذه اللحم اتخذ عمودا في مصلاه يعتمد عليه   } رواه أبو داود    ( فإن سقط ) مستند ( لو أزيل ) ما استند إليه ( لم تصح ) صلاته ; لأنه غير قائم . 
( و ) يكره ( ابتداؤها ) أي : الصلاة ( فيما ) أي : حال ( يمنع كمالها كحر ) مفرط ( وبرد وجوع    ) مفرط ( وعطش مفرط ) لأنه يقلقه ويشغله عن حضور قلبه فيها ( أو ) أن يبتدئها ( حاقنا ) بالنون ، أي : محتبس بول ( ، أو حاقبا ) بالباء الموحدة ، أي : محتبس غائط ( أو ) يبتدئها ( مع ريح محتبسة ) ونحوه مما يزعجه ، كتعب شديد ( أو ) يبتدئها ( تائقا ) أي : مشتاقا ( لطعام ونحوه ) كجماع وشراب ، لحديث  عائشة  مرفوعا { لا صلاة بحضرة طعام ، ولا هو يدافعه الأخبثان   } رواه  مسلم    . 
وظاهره : ولو خاف فوت الجماعة . لما في  البخاري    " كان  ابن عمر  يوضع له الطعام وتقام الصلاة ، فلا يأتيها حتى يفرغ ، وأنه ليسمع  [ ص: 210 ] قراءة الإمام " ( ما لم يضق الوقت ) عن المكتوبة ، أي : عن فعل جميعها فيه ( فتجب ) المكتوبة ( ويحرم اشتغاله بغيرها )  إذن ، لتعين الوقت لها ، ويكره نفخه فيها ، واعتماده على يديه في جلوسه بلا حاجة  ، وصلاته مكتوفا ( وسن ) لمصل ( تفرقته ) بين قدميه ( ومراوحته بين قدميه    ) بأن يقر على أحدهما مرة ، ثم على الأخرى أخرى ، إذا طال قيامه . 
قال  الأثرم    : رأيت أبا عبد الله  يفرج بين قدميه ورأيته يراوح بينهما ، وروى  الأثرم  بإسناده عن  أبي عبيدة    : أن عبد الله  رأى رجلا يصلي صافا بين قدميه فقال : لو راوح هذا بين قدميه كان أفضل " ورواه  النسائي  وفيه ، 
قال : " أخطأ السنة ، لو راوح بينهما كان أعجب إلي " ( وتكره كثرته ) أي : كثرة أن يراوح بين قدميه ; لأنه يشبه تمايل اليهود    . وروى  البخاري  بإسناده مرفوعا { إذا قام أحدكم في صلاته فليسكن أطرافه ، ولا يمل ميل اليهود    } ( و ) يكره أيضا ( حمده ) أي : المصلي    ( إذا عطس ، أو ) إذا ( وجد ما يسره 
و ) يكره أيضا ( استرجاعه ) أي : قوله : إنا لله وإنا إليه راجعون ( إذا وجد ما يغمه ) وكذا قول : بسم الله إذا لسع ، أو سبحان الله ، إذا رأى ما يعجبه ونحوه ، خروجا من خلاف من أبطل الصلاة به . وكذا لو خاطب بشيء من القرآن ، كقوله لمن دق عليه {    : ادخلوها بسلام آمنين    } ولمن اسمه يحيى { يا يحيى خذ الكتاب بقوة    } ومن أتى بصلاة على وجه مكروه استحب له إعادتها في الوقت ، على وجه غير مكروه . 
				
						
						
