وقوله: أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ؛ و"الرقيم"؛ قيل: إنه اسم الجبل الذي كان فيه الكهف؛ و"الكهف": كـ "الفج"؛ وكـ "الغار"؛ في الجبل.
وقيل: إن "الرقيم"؛ اسم القرية التي كانوا فيها؛ وقيل: إن "الرقيم": لوح كان فيه كتاب في المكان الذي كانوا فيه - والله أعلم -؛ وقيل: كان المشركون سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الروح؛ وعن أصحاب الكهف؛ وعن ذي القرنين ؛ وذلك أنهم أعياهم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة ؛ فصارت جماعة منهم إلى يثرب ؛ فأعلمت جماعة من رؤساء اليهود بقصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالت اليهود: إن اسمه عندنا مكتوب؛ وأن يبعث على فترة من الرسل؛ فاسألوه عن هذه الأشياء؛ فإن أجاب عنها فهو نبي؛ فصارت الجماعة من المشركين إلى مكة ؛ وجمعوا [ ص: 270 ] جمعا كثيرا؛ وسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الأشياء؛ فأعلمهم أنه لا يعلمها؛ وأنه إن نزل عليه وحي بها أعلمهم.
فروى بعضهم أنه قال: "سأخبركم بها"؛ ولم يقل: "إن شاء الله"؛ فأبطأ عنه الوحي أياما؛ ونزلت: ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ؛ فأخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بما أوحى الله إليه؛ وأنزله الله في كتابه؛ مما دل على حقيقة نبوته.
ثم أعلم الله - عز وجل - أن قصة أصحاب الكهف ليست بعجيبة من آيات الله؛ لأنا نشاهد من خلق السماوات والأرض وما بينهما مما يدل على توحيد الله ما هو أعجب من قصة أصحاب الكهف؛ فقال - جل وعز -: أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ؛ أي: حتى نبين قصتهم.