الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ؛ القراءة الرفع؛ وقد قرئت بالنصب؛ فالرفع على "فهو"؛ ويكون على معنى: "ما أراد الله فهو يكون" ؛ والنصب على ضربين؛ أحدهما أن يكون قوله: "فيكون"؛ عطفا على "أن نقول فيكون"؛ ويجوز أن يكون نصبا؛ على جواب "كن"؛ فـ "قولنا"؛ رفع بالابتداء؛ وخبره "أن نقول"؛ المعنى: "إنما قولنا لكل مراد قولنا كن"؛ وهذا خوطب العباد فيه بما يعقلون؛ وما أراد الله؛ فهو كائن على كل حال.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 199 ] وعلى ما أراده من الإسراع؛ ولو أراد خلق الدنيا - السماوات والأرض - في قدر لمح البصر؛ لقدر على ذلك؛ ولكن العباد خوطبوا بما يعقلون؛ فأعلمهم الله سهولة خلق الأشياء عليه؛ قبل أن تكون؛ فأعلم أنه متى أراد الشيء كان؛ وأنه إذا قال: "كن"؛ كان؛ ليس أن الشيء قبل أن يخلق كان موجودا؛ إنما المعنى: إذا أردنا الشيء نقول من أجله "كن أيها المراد؛ فيكون"؛ على قدر إرادة الله؛ لأن القوم - أعني المشركين - أنكروا البعث ؛ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت؛ وهو معنى قوله: وكانوا يصرون على الحنث العظيم ؛ أي: كانوا يحلفون أنهم لا يبعثون.

                                                                                                                                                                                                                                        ولقد جاء في التفسير أن الحنث: الشرك؛ لأن من اعتقد هذا؛ فضلا على أن يحلف عليه؛ فهو مشرك؛ فقال - جل وعلا - بلى وعدا عليه حقا ؛ أي: بلى؛ يبعثهم وعدا عليه حقا؛ و"حقا"؛ منصوب؛ مصدر مؤكد لأنه إذا قال: "يبعثهم"؛ دل على "وعد بالبعث وعدا".

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية